{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98)
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) }سورة الحجر
تضيق بنا الحياة وتؤلمنا ،ثم نتنفس من آية فتعود الحياة وتتسع ،
في فترة صعبة يقابلها حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بالصبر والتحمل
ودون أن يشكو جاءت آيات الله مواسية لما ضاق به صدر حبيبنا
مما وصفه به المشركين من صفات لاتليق به ،
وتمر عليه تلك الصفات في آيات يتعبد بها لله تعالى
فكيف لهذا القلب المحمدي ، أن يتحمل كل ذلك
وهو الذي قال لأصحابه جبراً لخاطر عكرمة :
" أن عكرمه بن أبي جهل سيدخل عليكم الآن مسلماً فلا تذكروا أباه بسوء"..
هنا .. جاءته المواساة الربانية توصيه بالتسبيح .
وعجباً كيف لدقة وصفه عز وجل تحديداً ( بما يقولون )
إشارة لما في القول من أثر وإيذاء نفسي أكثر من الأفعال ،
فلا تعجب أن كلمة طيبة منك تبنى مستقبل شخص ما ،
وكلمة سيئة تقتل مكامن السعادة وتضعف نياط القلوب،
فهذا عمر بن الخطاب عندما رأى مجموعة من الناس موقدين النار اقترب منهم
ونادى:"يا أهل الضوء" ولم يقل :"يا أهل النار" خشية من أن تجرحهم الكلمة
وهذا الإمام الغزالي عندما جاء له شخص وقال: ماحكم تارك الصلاة؟
قال: حكمه أن تأخذه معك إلى المسجد
حتى الجن حين استرقت السمع قالت في وصف أثر ماسمعوه
(إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ) ،
فكن جابراً للخواطر فإنها من أحب العبادات إلى الله
ثم جاء الأمر الإلهي يحمل الدواء الشافي ليتسع ماضاق به صدره صلى الله عليه وسلم:
(فسبح) و (كن من الساجدين) و (أعبد ربك) حتى يأتيك(اليقين )
وصفة متوالية تشفي صدرك تبدأ بالتسبيح وكلما زدت زاد صدرك اتساعاً
ورضى حتى تصل للطمأنينة وتمام الرضى النفسي فيصبح قولهم برداً وسلاماً.
خص الله التسبيح لعظم شأنه
فهو : تنزيه للذات الألهية وأفعاله وأقواله ،
ولإثبات مصداقية التنزية لله فلا يكون الإ بعبادة فعلية
وهي الخضوع والإذلال لله عزوجل بالسجود
(فلا صلاة بدون سجود ولاسجود بدون تسبيح ).
-(وأعبد ربك ) إلى أن تصل لليقين وتملأ الطمأنينية قلبك ،
فسياق الحديث هنا مواساة لحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
أن ما بعد التسبيح والسجود وعبادة الله
إلا طمأنينة وسكون ورضى نفسي
وهو اليقين الذي ستصل إليه ،
فيستبعد أن تكون الاشارة هنا باليقين للموت كما في كتب التفسير .
فسبحان من أبدع واصفاً بالترتيب في آية :
عبادة نؤديها خمس مرات في اليوم والليلة نتاجها أن الله يشرح صدرك ،
فإن لم تتسع صدورنا بعد هذا في صلواتنا ،
فاعلم أن استشعارك لذكر الله لم يتجاوز طرف لسانك
ولم تكن حاضراً بقلبك وفكرك..
فأعد حساباتك مع ذاتك وربك وتيقن وثق ثم قم فصل.
مواقع النشر (المفضلة)