بسم الله الرحمن الرحيم

((خُطُورَةُ النِّفَاقِ وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى الْأُمَّةِ))

*خَطَرُ الْمُنَافِقِينَ نِفَاقًا أَكْبَرَ عَلَى مُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِينَ، وَدِينِهِمْ:
عِبَادَ اللهِ! لَمَّا مَنَّ اللهُ تَعَالَى بِالْهِجْرَةِ، وَقَوَّى اللهُ تَعَالَى شَوْكَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَذِنَ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ؛ كُبِتَ أَعْدَاءُ اللهِ، وَحِينَئِذٍ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنَّ يَتَخَفَّوْا بِالنِّفَاقِ، وَأَنْ يَتَسَرْبَلُوا بِسِرْبَالِهِ، فَنَجَمَ النِّفَاقُ فِي الْمَدِينَةِ.
فَهَؤُلَاءِ عَلَى عَقَائِدِ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَلَا تَتَّسِعُ صُدُورُهُمْ وَلَا تَنْشَرِحُ لِلْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، وَهُمْ فِي الْوَقْتِ عَيْنِهِ يَخْشَوْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُعَامِلُوهُمْ مُعَامَلَةَ الْكَافِرِينَ الْمُشْرِكِينَ، فَدَخَلُوا فِي دِينِ اللهِ ظَاهِرًا وَأَبْطَنُوا الْكُفْرَ، فَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُنَافِقُونَ.
هَؤُلَاءِ أَخْطَرُ شَيْءٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ ظَاهِرَ الْإِسْلَامِ، وَهُمْ يُعَامِلُونَ بِظَاهِرِ الْإِسْلَامِ، وَتُجْرَى عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ ظَاهِرًا، وَبَوَاطِنُهُمْ مَوْكُولَةٌ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
فَتُجْرَى عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ، وَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يَطَّلِعُونَ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ، وَيَعْرِفُونَ أَسْرَارَهُمْ، وَيَسْعَوْنَ بِالْفَسَادِ بَيْنَهُمْ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عَوَامِلِ الْهَدْمِ الَّتِي تَنْخَرُ فِي جَسَدِ الْإِسْلَامِ وَفِي جَسَدِ أَهْلِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَاعُوا ذَلِكَ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ.
هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ عِنْدَمَا جَنَحُوا إِلَى هَذَا النِّفَاقِ، كَانُوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ، لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ، وَلِخَطَرِهِمْ وَشِدَّةِ ضَرَرِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، بَيَّنَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَنَّهُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ تَحْتَ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ وَاضِحٌ، وَهُوَ مُجَاهِرٌ بِكُفْرِهِ وَعَدَاوَتِهِ.
وَأَمَّا هَذَا الْمُنَافِقُ فَهُوَ مُتَلَوِّنٌ كَالْحِرْبَاءِ، لَا تَسْتَطيِعُ أَنْ تَعْلَمَ لَهُ تَوَجُّهًا، وَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُدْرِكَ لَهُ هَدَفًا.
هُوَ أَكَّالٌ عَلَى جَمِيعِ الْمَوَائِدِ، مَيَّالٌ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، مُوَالٍ لِكُلِّ قَوْمٍ!!
وَمَهْمَا عَلَتْ كِفَّةُ قَوْمٍ كَانَ مَعَهُمْ، وَمَتَى ظَهَرَ قَوْمٌ كَانَ إِلَيْهِمْ، يَبْحَثُ عَنْ صَالِحِهِ فِيمَا يَتَصَوَّرُهُ وَيَتَخَيَّلُهُ، وَهُوَ فِي الْوَقْتِ عَيْنِهِ حَرْبٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ يُبْطِنُ الْكُفْرَ، وَإِنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ ظَاهِرًا.