الموضوعُ يتطلب معرفة الدَّوافعَ التي تقفُ وراء هذه السلوكيَّات، من قصات الشعر ولبس الأساور وغيرها من السلوكيات المنحرفة
وإسهامًا يقترحُ الحلولَ والعلاجات اللاَّزمة التي تكفُل للشباب الابتعادَ عن مظاهر الزيغ والانحراف،
وتسير به إلى بر الأمان، وهذا هو الواجب؛
إذ إنَّ الطبيبَ الماهرَ لا يتسنى له وصف الدَّواء المثالي، حتى يقوم بتشخيص داءِ المريض، ومعرفة جذور المرض وأسبابه.

وعلى ضوء معرفة ودراسة أسباب انحراف الشباب تتحدَّد آليات وأدوات العلاج الممكنة،
وكلنا على درايةٍ بمنزلةِ ومَكانة الشباب في المجتمع، وما تُمثِّله هذه الفئة الحساسة من ثروة، وقوة، وفهمٍ، ولبنة المجتمع وركيزته،
وهم دعامة الأمة، فبقدر صلاحهم تؤهل الأمَّة لمكانة مرموقة بين الأمم، وتنتبذ منزلة راقية بين المجتمعات، والعكس هو الصحيح.


وإذا كان الأمر كذلك، وَجَب على الخيريين والدُّعاة والمصلحين أخذُ زمام المبادرة بالوقوف بعناية خاصَّة على ما يُميز حياةَ شباب الأمة،
ودراسة همومهم واهتماماتهم ومتطلباتهم، وتقويم مظاهر الخلل في أفعالهم وسلوكياتِهم، فهو واجبٌ يُمليه دين الله - تعالى - وشريعته،
ويُمليه واقع الأمة البائس أيضًا، وما يحدق بها من أخطار وأهوال تُهدد كيانها، وتعجل بزوالها،
ثم قضية انحراف الشباب لم تعد قضية تخص إقليمًا معينًا، بل أصبحت هاجسًا يُؤرِّق كل البلدان والأقاليم الإسلامية
ثم إن هؤلاء الشباب منا وفينا ولو أن كل من رأي من يفعل هذه السلوكيات ونصحه على انفراد لتغير حال الكثيرين ولقلت هذه السلوكيات
فالله ماأوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبثا إنما أوجبه لأن فيه صلاح المجتمع واستقامته

يقول العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله :
(لا شك أن صلاح المجتمع واستقامته إنما يكون بالله سبحانه ثم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
وأن فساده وتمزقه وتعرضه للعقوبة العامة من أعظم أسبابه ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
كما ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه،
وقد حذر الله سبحانه عباده من سيرة الكفار من بني إسرائيل في قوله :
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ
كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:78-79]،
فنسأل الله أن يوفق جميع المسلمين حكاما ومحكومين للقيام بهذا الواجب على خير وجه،
وأن يصلح أحوالهم، وأن يعيذ الجميع من أسباب غضبه وانتقامه؛ إنه سميع مجيب)