في العصر الحديث، أصبحت السياسة النقدية غير التقليدية موضوعًا مهمًا للكثير من المتخصصين حول العالم، ويهدف هذا الشكل من سياسات النقد إلى تحقيق أهداف مختلفة عما يتم تطبيقه في عمليات التضخم والسياسات النقدية التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الاستراتيجية قد برزت في ظل ازدياد المخاطر المالية والانكماش في الأسواق المالية، وقد تُعتبر أحد أكثر استراتيجيات التحفيز النقدي فعالية للاستجابة لإشكاليات السوق. في هذه المدونة، سوف نستكشف مفهوم السياسة النقدية غير التقليدية والأسباب وراء ازدياد شعبيتها في دول حول العالم.

1. المقدمة: ما هي السياسة النقدية غير التقليدية؟
تتعرض هذه المقالة إلى السياسة النقدية غير التقليدية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، وتبحث في أهدافها وأدواتها والتوجيه المساري الذي تتبعه. تركز المقالة في البداية على تعريف السياسة النقدية غير التقليدية وماذا يعني هذا المصطلح، حيث يشير إلى الاجراءات التي تتبعها السلطات النقدية في حالات الازمات والظروف الغير عادية. تحظى هذه السياسة بأهمية كبيرة في حد التضخم وتحقيق الثبات المالي، وعلى العكس من السياسة النقدية التقليدية، فإنها تعتمد أدوات غير مألوفة، مثل شراء الأصول بشكل مباشر أو تخفيض الفائدة على الودائع.

2. تحليل تأثير السياسة النقدية غير التقليدية على معدل التضخم في اليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
تحققت نتائج ملموسة على الأثر الإيجابي لتطبيق السياسة النقدية غير التقليدية على معدل التضخم في عدد من الدول المتقدمة مثل اليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. حيث نجحت السياسات غير التقليدية في خفض أسعار الفائدة الطويلة والمتوسطة الأجل على السندات الحكومية، وسندات الرهن العقاري، وستجد أن هذه السياسات ساهمت في تضييق الفوارق وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، ولذلك أصبحت السياسة النقدية غير التقليدية خيارًا شائعًا في حالات الأزمات وظروف غير عادية.

3. أهداف السياسة النقدية غير التقليدية وأدواتها.
تهدف السياسة النقدية غير التقليدية إلى تحقيق أهداف مختلفة، وذلك من خلال اعتماد أدوات متنوعة. وتشمل هذه الأهداف على سبيل المثال، تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتفادي الانكماش الشديد، بالإضافة إلى تحفيز النمو الاقتصادي. وتعتمد الأدوات المستخدمة في هذه السياسة على التوجيه المساري، وسياسة التيسير الكمي، ومعدلات الفائدة السلبية، وغيرها من الأدوات. وتعد السياسة النقدية غير التقليدية من الأساليب الحديثة التي تم استخدامها بشكل واسع خلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة، وتظل حتى اليوم من أهم الأدوات المستخدمة لتحقيق الأهداف النقدية بصورة فعالة.

4. التوجيه المساري ودوره في السياسة النقدية غير التقليدية.
تلعب التوجيه المساري دورًا حيويًا في السياسة النقدية غير التقليدية، حيث يعتبر هذه الأداة جزءًا أساسيًا من السياسات النقدية التي تستخدمها البنوك المركزية لتحقيق أهدافها. تعمل هذه الأداة على توجيه توقعات الأسواق والجمهور بشكل شفاف وصريح، من خلال إصدار بيانات رسمية توضح المنهجية والهدف من تطبيق السياسة النقدية غير التقليدية. ويعمل ذلك على تقليل حدة التخمة النقديّة وتقليل المخاطر المحتملة للاستقرار المالي. بالإضافة إلى ذلك، فإن التوجيه المساري يسمح للمجتمع المالي بتعديل توقعاته وسلوكه بشأن السياسة النقدية، مما يعمل على تحسين الجاذبية والثقة بالنظام المالي والاقتصادي عمومًا. يُعدّ التوجيه المساري بمثابة أداة فعالة ومثالية لتحقيق الأهداف النقدية المرجوّة من قبل السياسة النقدية غير التقليدية في مختلف أنحاء العالم.

5. الآثار الاقتصادية لتطبيق السياسة النقدية غير التقليدية.
تتآثر الاقتصادات بتطبيق السياسة النقدية غير التقليدية، فهي تؤثر بشكل حاسم على الأسواق المالية ونظام البنوك المركزية. على سبيل المثال، من خلال تخفيض أسعار الفائدة، يتم تخفيض تكلفة الاستثمار وتحفيز الاقتصاد، وبذلك يمكن تنشيط النمو الاقتصادي. كما أن تطبيق السياسات النقدية غير التقليدية يؤثر على قدرة المستثمرين على توفير الإقراض وعلى الاستثمار في الأسهم، وبالتالي يمكن تحسين نسب النمو الاقتصادي في البلدان المختلفة. وعلى الرغم من أن هذه السياسات قد تكون فعالة في بعض الحالات، إلا أنها تحمل بعض المخاطر إذا لم يتم التحكم في عمليات المخاطرة، وبالتالي فإن تطبيق السياسة النقدية غير التقليدية يجب أن يتم بحذر، وفي ضوء تقييم الآثار والمخاطر المحتملة على الاقتصاد.

6. السياسة النقدية العالمية ودورها في التحفيز الاقتصادي.
تعد السياسة النقدية العالمية من أهم ادوات تحفيز النمو الاقتصادي في العالم، وذلك من خلال منح الدعم اللازم للاقتصادات المتضررة وتحقيق التوازن الاقتصادي العالمي. وتعمل السياسة النقدية العالمية على تخفيف التباطؤ الاقتصادي من خلال تحفيز النمو الاقتصادي في الدول المتضررة، وذلك باستخدام الأدوات النقدية الغير تقليدية. ومن هذه الأدوات: تخفيض الفائدة وتحفيز الاستثمار الخاص والعام، وزيادة النشاط الاقتصادي، وتقليل معدل البطالة. وقد أثبتت السياسات النقدية العالمية جدواها في التحفيز الاقتصادي وتعزيز الثقة بين المستثمرين العالميين، وقد حققت نجاحًا كبيرًا في الدول العديدة مثل اليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ومن المتوقع أن يلعب هذا النوع من السياسات دوراً مهماً في مواجهة تداعيات جائحة كورونا وتحفيز النمو الاقتصادي على المستوى العالمي.

7. مراجعة تقييم بنك التسويات الدولية للسياسات النقدية غير التقليدية.
في مراجعة متعمقة للسياسات النقدية الغير التقليدية، أجرى بنك التسويات الدولية، وهو نادي محافظي البنوك المركزية في بازل بسويسرا، تقييماً شاملاً لأهداف وآثار تلك السياسات. وتسعى السياسة النقدية الغير التقليدية إلى إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية الحالية في العالم بأدوات جديدة ومبتكرة، ومن ضمنها التسهيل الكمي والتوجيه المساري. وقد أفاد تقييم بنك التسويات الدولية بأن هذه السياسات قد ساهمت في تحفيز النمو الاقتصادي وتجنب الكثير من الأزمات الاقتصادية المحتملة، وذلك في عدد من الدول الرائدة عالمياً كاليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ويعكس تحليل تقييم بنك التسويات الدولية دوراً كبيراً للسياسة النقدية الغير التقليدية في تعزيز الاقتصاد في الدول المختلفة حول العالم.

8. أمثلة دولية لتطبيق السياسة النقدية غير التقليدية.
تتضمن السياسة النقدية غير التقليدية عدة أدوات مختلفة تستخدمها الدول للتحفيز الاقتصادي، وتبدو هذه الأدوات شائعة في العديد من الدول الكبرى. فعلى سبيل المثال، وبالنظر إلى الولايات المتحدة، فإن برنامج التيسير الكمي، الذي قامت به إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، كان يستهدف إعادة النمو الاقتصادي وتعزيز الوظائف. بينما في اليابان، فإن سنة 2013 شهدت تبني سياسة الأبواب المفتوحة لتحفيز النمو الاقتصادي، حيث تم زيادة مبالغ التحويلات النقدية كجزء من برنامج التحفيز. وفي أوروبا، فقد تم تطبيق السياسة النقدية غير التقليدية لتعزيز الاقتصاد في منطقة اليورو، وهذا كان من خلال برنامج دعم القروض والشراء الكمي للأصول الرفيعة الجودة المسماة "حزمة ميزانية الاتحاد الأوروبي". ولذلك، يبدو أن العديد من الدول تستخدم السياسة النقدية غير التقليدية لتحفيز النمو الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في البلدان.

9. السياسة النقدية غير التقليدية في ظل تفشي فيروس كورونا.
في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، اضطرت الدول إلى اللجوء إلى استخدام السياسة النقدية الغير التقليدية لحفظ الاستقرار المالي والحفاظ على النشاط الاقتصادي والوظائف. تتضمن تلك الأدوات تيسير السياسة النقدية بتخفيض سعر الفائدة والتوجيه المساري لدعم الاقتصاد وحماية العملات. كما اتخذت البنوك المركزية إجراءات استثنائية ومبتكرة لتخفيف التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن الوباء، مثل شراء بعض الأصول المالية وضمانات القروض. وقد أثبتت تلك السياسات فعاليتها في الحدّ من تداعيات الأزمات وتحفيز النشاط الاقتصادي. لذا، يستمر استخدام السياسة النقدية الغير التقليدية في بعض الدول حتى الآن، في محاولة لحماية الاقتصاد العالمي وتحقيق الاستقرار المالي.

10. نتائج الدراسات والتقارير حول السياسة النقدية غير التقليدية.
تشير العديد من الدراسات والتقارير إلى أن السياسة النقدية غير التقليدية تأثرت بشكل كبير على الاقتصاد العالمي وعلى التنبؤات بشأن معدل التضخم في مناطق اليابان، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. تشكلت هذه السياسات من خلال استخدام أدوات جديدة لتلبية احتياجات السوق، وللحفاظ على توازن معدلات التضخم والنمو. إحدى النتائج الأساسية من هذه الدراسات هي أن استخدام الأدوات النقدية غير التقليدية قد أدى إلى تحقيق توازن في النمو الاقتصادي وتقليل معدل البطالة وزيادة الإنفاق العام، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد العالمي ومواجهة الأزمات الاقتصادية التي شهدتها العديد من دول العالم.