تطورت الاستثمارات المالية في العقود الماضية بشكل كبير في معظم الدول خصوصا تلك التي تتميز باقتصاد حقيقي قوي و وجود شركات كبرى فيها. وكان الاستثمار المالي يتلخص في نوعين رئيسيين من الاستثمارات:
1- اسهم الشركات والاستثمارات المرتبطة بها والمشتقة منها مثل صناديق الأسهم بأنواعها.
2- سندات الديون المصدرة بواسطة الحكومات او الشركات.
واستمر هذين النوعين من الاستثمارات بالسيطرة على الأسواق المالية عالمياً حتى تطورت في العقود الثلاثة الأخيرة ما تسمى بالاستثمارات البديلة. فماهي الاستثمارات البديلة؟
الاستثمارات البديلة هي تعريف يشمل كثير من الاستثمارات و الأصول المالية و كذلك الحقيقية (الملموسة). و تشمل كل الاستثمارات فيما عدا الاسهم والسندات. حيث تعتبر الاسهم والسندات استثمارات تقليدية أو اساسية وما عداها استثمارات بديلة. و بالطبع ، فإن الاستثمارات البديلة تتطور باستمرار و يضاف لها أنواع مبتكره من الاستثمارات.
من أهم مميزات الاستثمارات البديلة والتي تجعل كثيراً من المستثمرين خصوصاً المستثمرين المؤسساتيين و الأثرياء يحرصون على وجود هذه الاستثمارات في محافظهم، هو أن عوائد الاستثمارات البديلة لا تتأثر بأداء الاستثمارات المالية الأخرى أو تتأثر بنسب بسيطة، وأحيانا تكون بشكل عكسي. لذلك فهذه الاستثمارات تضيف نوعاً من التوازن للعوائد المحققة وتجعل العائد الكلي للمحفظة أكثر استقراراً. كذلك من مميزات الاستثمارات البديلة أن عدداً لا بأس به من الاستثمارات البديلة تحقق عائداً يتفوق على عوائد الاستثمارات التقليدية خصوصاً للمستثمرين على المدى البعيد، مع الأخذ بعين الاعتبار تناسب العائد مع المخاطرة.
إن من اشهر أنواع الاستثمارات البديلة هي صناديق الاستثمار في العقارات بأنواعها. وتميزت صناديق الاستثمار العقاري خصوصا المتداولة منها أو ما يسمى صناديق ريت (REITs) بحجم اصولها المرتفع اذ انها اكثر انواع الاستثمارات البديلة شيوعا بحجم اصول يقدر بأكثر من ترليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها. وهذا لا يشمل الصناديق العقارية الغير متداولة.
كما ان الاستثمارات الخاصة ((Private Equity من الاستثمارات البديلة الشائعة، حيث تستحوذ هذه الاستثمارات على اكثر من 2 ترليون دولار من الاصول المدارة على مستوى العالم. و يتلخص عمل شركات الاستثمارات الخاصة في تأسيس هذه الشركات لصناديق استثمارية يكون غرضها الاستحواذ على حصص في شركات خاصة غير مدرجة و العمل على تطويرها و تعظيم حجمها وارباحها ثم التخارج من تلك الحصص خلال ظ£-ظ§ سنوات. ولمثل هذه الصناديق اثر ايجابي على الاقتصاد ككل في اغلب الاحيان.
ومن انواع الاستثمارات البديلة أيضاً ما يسمى بصناديق التحوط(Hedge Funds). وصناديق التحوط هي صناديق استثمارية تعمل على استثمار اموالها في الاسواق المالية بما فيها الاسهم والسندات، لكن الفرق يكمن في كونها تستخدم استراتيجيات محددة مثل الاقتراض بعملة والاستثمار في عملة أخرى ، أو شراء أسهم شركة ما و بيع اسهم شركة اخرى على المكشوف. كما تقوم صناديق التحوط باستخدام الادوات المالية مثل الاستثمار في عقود الخيارات و العقود المستقبلية و تضارب على أسعار السلع و اسعار الفائدة.
الجدير بالذكر أن غالب الاستثمارات البديلة تكون متاحة فقط للمستثمرين المؤهلين و المستثمرين من المؤسسات. وهذا جيد لحماية الافراد من مخاطر قد لا يكونوا على استعداد لها، لكنني أدعوا الجهات التنظيمية خاصة هيئة السوق المالية لتخفيف القيود المفروضة على مثل هذه الاستثمارات عبر تقليل متطلبات المستثمرين المؤهلين، وعبر السماح بتأسيس صناديق استثمارات بديلة. وهذا سيسمح للراغبين بالاستثمار في الاستثمارات البديلة و سيعود بالنفع على الجميع، خصوصاً أن هذه الاستثمارات متاحة فقط للمستثمرين المؤهلين مما يعني قدرتهم على دراسة المخاطر واتخاذ قرارات مدروسة.
و ختاماً فإنه من المتوقع نمو الاستثمارات البديلة في السعودية والخليج خلال الفترة القادمة بسبب تزايد المستثمرين المؤسساتيين و المستثمرين الراغبين في الحصول على عوائد أعلى و عوائد تكون غير مرتبطة بالاستثمارات التقليدية مثل الأسهم. وفي حين أن الفترة الماضية شهدت توجه استثمارات الأفراد إلى مجالي الأسهم و الاستثمار المباشر في العقارات بشكل رئيسي، فإنه من المتوقع زيادة حصة الاستثمارات البديلة خاصة إذا قامت هيئة السوق المالية بدعمها وتنظيمها مثل ما تم مؤخراً من السماح للصناديق العقارية المتداولة.

http://www.maaal.com/archives/20170514/91597