واجتمع مالك بن دينار ومحمد بن واسع فتذاكرا العيش فقال مالك: "ما شيء أفضل من أن يكون للرجل غلّة - أي أرضٌ أو زراعة - يعيش فيها"، فقال محمد: "طوبى لمن وجد غداءً ولم يجد عشاءً، ووجد عشاءً ولم يجد غداءً، وهو عن الله عز و جل راض".

وفي تفسير قوله تعالى: وَ {بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }
[الحج: 35] جاء عن سفيان قوله: "المطمئنين الراضين بقضائه، المستسلمين له".

وروى أحمد بن أبي الحواري أن أبا سليمان كان يقول: "إذا سلا العبد عن الشهوات فهو راضٍ".

وروى حكيم بن جعفر أن أبا عبد الله البراثي قال: "لن يَرِدَ يوم القيامة أرفع درجاتٍ من الراضين عن الله عز وجل على كل حال"، وقال أيضاً: "من وهب له الرضا فقد بلغ أفضل الدرجات".

وقال أحد العبّاد: "إن أنت رضيت بما أُعطيت؛ خفّ الحساب عليك فيما أوتيت"، وقريباً من هذا قول الحسن: "من رضى من الله بالرزق اليسير؛ رضى الله منه بالعمل القليل".

وروي عن ابن أبى الحواري أن أبا عبد الله النباجي كان يقول: "إن أعطاك أغناك، وإن منعك أرضاك".

وأُثر عن الإمام ابن عون قوله: "ارض بقضاء الله على ما كان من عسر ويسر؛ فإن ذلك أقل لهمّك، وأبلغ فيما تطلب من آخرتك، واعلم أن العبد لن يصيب حقيقة الرضا حتى يكون رضاه عند الفقر والبؤس كرضاه عند الغناء والرخاء، كيف تستقضي الله في أمرك ثم تسخط إن رأيت قضاءه مخالفاً لهواك؟ ولعل ما هويت من ذلك لو وُفّق لك لكان فيه هلكتك، وترضى قضاءه إذا وافق هواك؟ وذلك لقلة علمك بالغيب، وكيف تستقضيه إن كنت كذلك ما أنصفت من نفسك، ولا أصبت باب الرضا".

واستنصح بشر بن بشّار المجاشعي ثلاثةً من الصالحين فقال الأوّل: "ألق نفسك مع القدر حيث ألقاك؛ فهو أحرى أن تُفرغ قلبك، ويقل همّك، وإياك أن تسخط ذلك فيحل بك السخط وأنت عنه في غفلة لا تشعر به"، وقال الثاني: "التمس رضوانه في ترك مناهيه فهو أوصل لك إلى الزلفى لديه"، وقال الثالث: "لا تبتغِ في أمرك تدبيراً غير تدبيره؛ فتهلك فيمن هلك، وتضلّ فيمن ضلّ".



يتبــــــــــــــــــع