الفرج بعد الشدة ( 1 )
حج رجل علوي فلما طاف بالبيت وأدى نسكه وأراد الخروج إلى ” منى” أودع رحله وما كان معه بيتا وقفل بابه ، فلما عاد وجد الباب مفتوحا والبيت فارغا
قال : فتحيرت ونزلت بي شدة ما رأيت مثلها فاستسلمت لأمر الله ، ومضى علي ثلاثة أيام ما طعمت فيها شيئا .
فلما كان اليوم الرابع بدأ بي الضعف وخفت على نفسي وذكرت قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” ماء زمزم لما شُرب له ” ( رواه ابن ماجه ) .
فخرجت حتى شربت منها ورجعت لأستريح فعثرت في الطريق بشيء فأمسكته فإذا هو هميان ( كيس جلدي ) داخله ألف دينار ، فجلست في الحرم وناديت : من ضاع منه شيء فليأتني بعلامة ويأخذه .
وانقضى يومي ولم يأتني أحد ، فغدوت إلى الصفا والمروة في اليوم الثاني فوقفت عندهما أنادي فلم يأتني أحد .
فضعفت ضعفا شديدا فجئت على باب ” إبراهيم ” فقلت قبل انصراف الناس : قد ضعفت عن النداء فمن رأيتموه يطلب شيئا قد ضاع فأرشدوه إلي .

الفرج بعد الشدة ( 2 )
فلما كان وقت المغرب إذا أنا بخراساني ينشد ضالته فصحت به وقلت : صف ما ضاع منك . فأعطاني صفة الهميان بعينه وذكر وزن الدنانير وعِدتها فقلت : إن أرشدتك إليه تعطيني مائة دينار . قال : لا .
قلت : فخمسين . قال : لا .
فلم أزل أنازل إلى أن بلغت إلى دينار واحد فقال : لا ، إن رده من هو عنده إيمانا واحتسابا وإلا فهو الضر ، ثم ولى لينصرف فخفت الله وأشفقت أن يفوتني الخراساني فصحت به : ارجع ، فأخرجت الهميان ودفعته له ، فمضى وجلست ومالي قوة على المشي إلى بيتي .

فما غاب عني حينا حتى عاد إلي فقال : من أي البلاد أنت ومن أي الناس أنت ؟
قلت : وما عليك من أمري هل بقى لك عندي شيء ؟
فقال : أسألك بالله لا تضجر .
فقلت : من أهل الكوفة ومن ولد ” الحسين بن علي ” وقصصت عليه قصتي .
فقال : خذ هذا بأسره بارك الله لك فيه ، إن الهميان ليس لي فما كان يجوز لي أن أعطيك منه شيئا قلّ أو كثر ، وإنما أعطانيه رجل وسألني أن أطلب بالعراق أو الحجاز رجلا حسينيا فقيرا مستورا ، ولم تجتمع لي هذه الصفة في أحد إلا فيك لأمانتك وعفتك وصبرك .


منقول