ولقد كتب الفاروق إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما- يقول له: "أما بعد: فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر".

إن السخط والجزع وعدم الرضا على قضاء الله وقدره، وبما قسمه للعباد لا يزيد المرء إلا شقاء وتعاسةً وبُعداً عن الله، ويحرم صاحبه من راحة البال وطمأنينة النفس، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط"
(البخاري).

والرضا هو السياج الذي يحمي المسلم من تقلبات الزمن، وهو البستان الوارف الظلال الذي يأوي إليه المؤمن من هجير الحياة، والإنسان بدون الرضا يقع فريسة لليأس، وتتناوشه الهموم والغموم من كل حدب وصوب.

ولن يجد ملاذاً ولا راحة من الطمع والجشع والحسد وأمراض القلوب وس خط علام الغيوب إلا بالرضا بما قسم الله ..

لقد ضرب لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النموذج والمثل الأعلى في الرضا بما قسم الله تعالى؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود، قَالَ: اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى حَصِيرٍ، فَأَثَّرَ في جَنْبِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ، جَعَلْتُ أَمْسَحُ جَنْبَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ آذَنْتَنَا حَتَّى نَبْسُطَ لَكَ عَلَى الْحَصِيرِ شَيْئًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا لي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا وَالدُّنْيَا، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا، كَرَاكِبٍ ظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا"
(أحمد 1/391، ح3709).



منقول