كما أنه قد يزداد إيمان المرء بذلك
قوله في حديث ابن مسعود : (مرفوعا) . أي : إلى النبي صلى الله عليه وسلم
قوله : ( من ضرب الخدود ) . العموم يراد به الخصوص ، أي: من أجل المصيبة
قوله : (من شق الجيوب) . هو طوق القميص الذي يدخل منه الرأس، وذلك عند المصيبة تسخطا وعدم تحمل لما وقع عليه .
قوله : (ودعا بدعوى الجاهلية) . ودعوى مضاف والجاهلية مضاف إليه ، وتنازع أمران
الأول : صيغة العموم (دعوى الجاهلية ) ، لأنه مفرد مضاف فيعم الثاني : القرينة، لأن ضرب الخدود وشق الجيوب يفعلان عند المصيبة فيكون دعا بدعوى الجاهلية عند المصيبة، مثل قولهم : وا ويلاه ! وا انقطاع ظهراه
والأولى أن ترجح صيغة العموم ، والقرينة لا تخصصه ، فيكون المقصود بالدعوى كل دعوى منشؤها الجهل

وذكر هذه الأصناف الثلاثة ، لأنها غالبا ما تكون عند المصائب، وإلا فمثله هدم البيوت ، وكسر الأواني ، وتخريب الطعام، ونحوه مما يفعله بعض الناس عند المصيبة
وهذه الثلاثة من الكبائر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من فاعلها

ولا يدخل في الحديث ضرب الخد في الحياة العادية ، مثل : ضرب الأب لأبنه ، لكن يكره الضرب على الوجه للنهي عنه ، وكذلك شق الجيب لأمر غير المصيبة

وعن أنس ، أن رسول الله قال : (إذا أراد الله بعبده الخير عجل له )
قوله في حديث أنس : ( إذا أراد الله بعبده الخير) . الله يريد بعبده الخير والشر ، ولكن الشر المراد لله تعالى ليس مرادا لذاته بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم

عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه ، حتى يوافي به يوم القيامة

(والشر ليس إليك) ومن أراد الشر لذاته كان إليه ، ولكن الله يريد الشر لحكمه ، وحينئذ يكون خيرا باعتبار ما يتضمنه من الحكمة .
قوله : (عجل له بالعقوبة في الدنيا) . العقوبة : مؤاخذة المجرم بذنبه، وسميت بذلك، لأنها تعقب الذنب ، لكنها لا تقال إلا في المؤاخذة على الشر
وقوله : (عجل له العقوبة في الدنيا) . كان ذلك خيرا من تأخيرها في الآخرة ، لأنه يزول وينتهي ، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين :(إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة)
وهناك خير أولى من ذلك وهو العفو عن الذنب ، وهذا أعلى، لأن الله إذا لم يعاقبه في الدنيا ولا في الآخرة، فهذا هو الخير كله ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل تعجيل العقوبة خيرا باعتبار أن تأخر العقوبة إلى الآخرة أشد ، كما
قال تعالى (ولعذاب الآخرة أشد وأبقى)(طه:127)
والعقوبة أنواع كثيرة
منها : ما يتعلق بالدين ، وهي اشدها لأن العقوبات الحسية قد ينتبه لها الإنسان ، أما هذه ، فلا ينتبه لهل إلا من وفقه الله، وذلك كما لو خفت المعصية في نظر العاصي، فهذه عقوبة دينية تجعله يستهين بها، وكذلك التهاون بترك الواجب، وعدم الغيرة على حرمات الله ، وعدم القيام بها،
الأمر بالمعروف والنهي على المنكر ، وكل ذلك من المصائب ، ودليله قوله تعالى : ( فإن تولوا فأعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم )
(المائدة:49)
ومنها : العقوبة بالنفس ، وذلك كالأمراض العضوية والنفسية
ومنها : العقوبة بالأهل ، كفقدانهم ، أو أمراض تصيبهم .
ومنها العقوبة بالمال ، كنقصه أو تلفه وغير ذلك .
قوله : (وإذا أراد بعبده الشر ، أمسك عنه بذنبه) . (أمسك عنه) أي : ترك عقوبته
والإمساك فعل من أفعال الله ، وليس معناه تعطيل الله عن الفعل ، بل هو لم يزل ولا يزال فعالا لما يريد، لكنه يمسك عن الفعل في شي ما لحكمة بالغة ، ففعله حكمة ، وإمساكه حكمة .


يتبـــــــــــــع