عنترة وعبلة

نشأ عنترة العبسي من أب عربى هو عمرو بن شداد، وكان سيدا من سادات قبيلته، وأم أجنبية هى الأمة السوداء الحبشية زبيبة وكان أبوه قد سباها فى بعض غزواته .
اكتسب عنترة السواد من أمه، ورفض أبوه الاعتراف به، فاتخذ مكانه بين طبقة العبيد فى القبيلة، خضوعاً لتقاليد المجتمع الجاهلى
وحانت الفرصة لعنترة فى إحدى غارات طيئ على عبس، فأبدى شجاعة فائقة فى رد المغيرين، وانتزع بهذا اعتراف أبيه به، واتخذ مكانه في القبيلة

وسرعان ما نشأ الحب في قلب عنترة لإبنة عمه عبلة بنت مالك.
وصادف أن أحبته هي الأخرى . وبلغ بهما الشوق مبلغه فصارا عاشقين .
وتقدم عنترة إلى عمه يخطب إليه ابنته، لكن لون بشرته السوداء ونسبه وقف مرة أخرى فى طريقه .
فقد رفض مالك أن يزوج ابنته من رجل يجرى فى عروقه دم غير عربى،
وحتى يصرفه عنها ويشعره بقلة الحيلة والعجز عن دفع مهرها ، طلب منه أن يدفع لها مهراً ألف ناقة حمراء من نوق الملك النعمان المعروفة بالعصافير.
ولم ييأس عنترة المحب الواثق من قدرته على سداد مهر حبيبته، المهمة لم تكن سهلة أي حال من الأحوال .
وأخيراً .. عاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة ألفاً من عصافير الملك النعمان .
فهل رضي به أبوها ؟
وهل وفَّى له بعهده بأن يزوجه عبلة إن دفع مهرها ألفاً من نوق النعمان ؟
بالطبع لا .. فقد بقي عمُّه يماطله
بل وصل به الحقد على عنترة أن فكر فى التخلص منه، فعرض ابنته على فرسان القبائل على أن يكون المهر رأس عنترة .
أما عنترة الذي كان أقوى فتيان العرب وأكثرهم شجاعة وإقداماً ، حاربهم واجتهد في الإنتصار عليهم ، لكن كما يقول المثل العربي : الكثرة غلبت الشجاعة ، خسر عنترة المواجهة .

وتحكي الأسطورة الشعبية أن عنترة قضى حياته راهبا متبتلا فى محراب حبها ، يغنى لها ويتغنى بها، ويمزج بين بطولته وحبه مزاجا رائعاً جميلاً .
وهو يصرح فى بعض شعره بأنها تزوجت، وأن زوجها فارس عربى ضخم أبيض اللون، يقول لها فى إحدى قصائده الموثوق بها التى يرويها الأًصمعى

اما ترينى قد نحلت ومن يكن
—– غرضاً لأطراف الأنة ينحل
فلرب أبلج مثل بعلك بادن
—– ضخم على ظهر الجواد مهبل
غادرته متعفرا أوصاله
—– والقوم بين مجرح ومجدل

عاش عنترة بعد ذلك عمراً طويلا يتذكر حبه القديم، ويحن إلى أيامه الخالية، ويشكو حرمانه الذى فرضته عليه أوضاع الحياة وتقاليد المجتمع ، حتى ودع الحياة.
.