*عِلَاجَاتٌ قُرْآنِيَّةٌ لِإِشَاعَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَأَرَاجِيفِهِمُ الرَّدِيَّةِ:
تَعَامَلَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ مَعَ الْإِشَاعَاتِ بِالرَّدِّ الْحَاسِمِ السَّرِيعِ الَّذِي يُبَيِّنُ الْحَقِيقَةَ بِكُلِّ وُضُوحٍ، وَمِنْ ذَلِكَ:
*أَنَّ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- أَرْشَدَنَا إِلَى مَا يَجِبُ عَلَيْنَا تِجَاهَ هَذِهِ الشَّائِعَاتِ الَّتِي تُخِلُّ بِالْأَمْنِ، وَتَجْلِبُ الْوَهَنَ، وَتُحَقِّقُ مُرَادَ الْأَعْدَاءِ فِي تَرْكِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَاسْتِضَعَافِهِمْ، وَكَسْرِ شَوْكَتِهِمْ وَتَيْئِيسِهِمْ، وَقَتْلِ رُوحِ الْمُقَاوَمَةِ فِي نُفُوسِهِمْ، فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83].
فَأَنْكَرَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ خَوْضَهُمْ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ، وَإِذَاعَتَهُمْ لِأَخْبَارِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنُوا حَقِيقَتَهَا، وَيَتَأَمَّلُوا فِي آثَارِهَا وَعَوَاقِبِهَا، ثُمَّ حَثَّهُمْ عَلَى رَدِّ الْأَمْرِ إِلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْأُمَرَاءِ.
فَهُمْ بِحَسَبِ فِقْهِهِمْ بِالشَّرْعِ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالْوَاقِعِ أَقْدَرُ عَلَى إِدْرَاكِ الْحَقَائِقِ، وَالنَّظَرِ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ وَمَآلَاتِهَا، وَمَا يَنْبَغِي نَشْرُهُ وَإِعْلَانُهُ، وَمَا يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَنْهُ وَكِتْمَانُهُ.
وَالْإِنْسَانُ لَا يَخْسَرُ بِالسُّكُوتِ شَيْئًا، كَمَا يَخْسَرُ حِينَ يَخُوضُ فِيمَا لَا يُحْسِنُهُ أَوْ يَتَدَخَّلُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَالسَّلَامَةُ لَا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ï·؛: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» .
*وَتَعَامَلَ الْقُرْآنُ مَعَ الْإِشَاعَةِ بِتَنْمِيَةِ إِيمَانِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَقْوِيَةِ رَوَابِطِهِمْ بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَبِوَضْعِ حَدٍّ فَاصِلٍ وَاضِحٍ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175].
*وَبِالتَّحْذِيرِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَشْبَاهِهِمْ، الَّذِينَ يَسْعَوْنَ دَوْمًا لِبَثِّ الْإِشَاعَاتِ الَّتِي تُفَتِّتُ الصُّفُوفَ، وَتُفَرِّقُ الْمُؤْمِنِينَ وَتُبْعِدُهُمْ عَنْ هَدَفِهِمْ، وَتَفُتُّ فِي أَعْضَادِهِمْ وَعَزَائِمِهِمْ: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لأنفال: 49].
{لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ غ— وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة: 47]. *التَّفْجِيرُ وَالتَّخْرِيبُ وَإِشَاعَةُ الْفَوْضَى مِنْ أَعْمَالِ الْمُنَافِقِينَ!! عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الْمُنَافِقَ: ((إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)) ؛ فَجَّرَ الْأَبْرَاجَ، وَنَسَفَ الْأَكْشَاكَ، وَقَطَعَ السَّبِيلَ، وَأَرَاقَ الدِّمَاءَ، وَقَطَعَ الرِّقَابَ، وَأَزْهَقَ الْأَرْوَاحَ، وَخَرَّبَ الْمُمْتَلَكَاتِ، وَعَدَى عَلَى الْأَبْشَارِ وَعَلَى الْأَعْرَاضِ، وَأَشَاعَ الْفَوْضَى فِي الْبِلَادِ، وَنَشَرَ فِيهَا الْفَسَادَ؛ ((إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)) !!
*ضَرُورَةُ مَعْرِفَةِ صِفَاتِ وَخَطَرِ الْمُنَافِقِينَ: الْمُنَافِقُونَ؛ بَيَّنَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ لَنَا صِفَاتِهِمْ، وَعَلَى الْمُسْلِمِ إِذَا كَانَ مُتَّقِيًا للهِ تَعَالَى حَقًّا أَنْ يَعْلَمَ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ كَمَا يَعْلَمُ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَمَّا هَذِهِ فَمِنْ أَجْلِ أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا وَيَتَّصِفَ بِهَا، وَأَمَّا هَذِهِ فَمِنْ أَجْلِ أَنْ يُجَانِبَهَا وَأَنْ يَحْذَرَهَا، وَأَنْ يَحْذَرَ أَهْلَهَا، وَأَمَّا إِذَا مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَلَا يَلُومَنَّ امْرُؤُ إِلَّا نَفْسَهُ.
وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ مَا يَزَالُونَ بِالدَّعَايَةِ الْخَبِيثَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَبَيْنَ جُهَّالِهِمْ وَعَوَامِّهِمْ خَاصَّةً؛ حَتَّى يَحْرِفُوهُمْ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَرُبَّمَا لَبَّسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ حَتَّى خَرَجُوا مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ إِلَى سَوَاءِ الْكُفْرِ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ-.