الطاقة الشمسية .. الوجهة الجديدة للدول النفطية في الشرق الأوسط مع انخفاض التكلفة
بدأ بعض الدول النفطية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط التحرك للاستفادة من الطاقة الشمسية حتى وسط تهاوي أسعار النفط العالمية وبالتالي انخفاض تكلفة استهلاكه.
وبحسب "الألمانية"، كانت أسعار النفط الرخيصة في الماضي كابحا للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة في الدول التي تعتمد على مبيعات النفط الخام للحصول على العائدات.
لكن اليوم تكلفة مشاريع الطاقة الشمسية أصبحت نحو 10 في المائة فقط من تكلفتها قبل نحو عشرة أعوام، بفضل انخفاض أسعار الأدوات وتحسن التكنولوجيا، وفق بحث أجرته خدمة "بلومبيرج لتمويل الطاقة المتجددة" (بلومبيرج إن.إي.إف).
وبحسب وكالة بلومبيرج للأنباء فإن المحاولة الأولى للاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة في الدول النفطية في الشرق الأوسط قد تعثرت نتيجة انهيار أسعار النفط وتغيير أولويات حكومات هذه الدول. فقبل عشرة أعوام أو أكثر كانت مشاريع الطاقة الشمسية التي تبنتها السعودية وأبوظبي تحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات، ولم يكن قد تم البدء في تنفيذها من الأساس. أما الآن فقد عثرت هذه الدول على شركاء يتحملون معها عبء التكلفة.
وعلى الرغم من احتمال تأخر مشاريع الطاقة الشمسية في الدول النفطية في الشرق الأوسط نتيجة جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد – 19" الآن، فإن هذه المشاريع تستمد قوة دفع باستمرار.
يقول بنيامين عطية محلل اقتصادات الطاقة والطاقة المتجددة في مؤسسة وود ماكينزي للاستشارات إن الطاقة الشمسية هي أرخص مصدر لإنتاج كل كيلووات/ ساعة من الكهرباء في الشرق الأوسط، مبينا أن مشاريع الطاقة الشمسية الجديدة في المنطقة تعتمد على التمويل الخاص وليس على التمويل الحكومي ولذلك فهي في "مأمن من الرياح المعاكسة" للانخفاض الحالي في أسعار النفط الخام.
ووفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية، يزيد الطلب على الكهرباء في الشرق الأوسط 6 في المائة تقريبا سنويا منذ 2000.
ويقول روبن ميلز مؤسس شركة "قمر للطاقة" للاستشارات في دبي، إنه في حين اعتادت دول المنطقة على استخدام محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالغاز الطبيعي أو الوقود البترولي، فإن محطات الطاقة الشمسية يمكن أن تلبي كل النمو المحتمل للطلب على الكهرباء.
ووفقا لتقديرات خدمة "بلومبيرج إنتيليجانس" فإن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تولد نحو 5 في المائة فقط من إجمالي إنتاج الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
من ناحيته قال جيني تشيس في تحليل لخدمة "بلومبيرج لتمويل الطاقة الجديدة" إن دول الشرق الأوسط تخطط منذ وقت طويل لتقليل اعتمادها على النفط.
يأتي ذلك في حين انهارت أسعار النفط العالمية خلال العام الجاري، حيث فقد خام برنت القياسي للنفط العالمي نحو 56 في المائة من سعره منذ بداية العام لتنخفض أسعار الخام العالمية إلى أقل كثيرا من المستويات التي تحتاجها الدول النفطية في الشرق الأوسط لتحقيق التوازن في ميزانياتها.
في الوقت نفسه يقول محلل اقتصادات الطاقة المتجددة بنيامين عطية إن جائحة فيروس كورونا المستجد تؤجل أعمال التشييد في مشاريع الطاقة الشمسية في أبوظبي والأردن وقطر، وقد يمتد تأخير كثير من هذه المشاريع إلى العام المقبل.
ورغم حالة الغموض التي تحيط بتطورات جائحة كورونا المستجد، فإن السكان المتزايدين في دول المنطقة سيحتاجون إلى مزيد من الكهرباء مع تعافي اقتصاداتها. وتتوقع مؤسسة وود ماكينزي للاستشارات إنتاج دول المنطقة عدة آلاف جيجاواط إضافية من الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية حتى عام 2025 على الأقل.
وتستهدف السعودية زيادة إنتاجها من هذه الطاقة المتجددة بنحو 120 مثل إلى 60 جيجاواط بحلول 2030، أغلبها من الطاقة الشمسية. وهذا هدف ضخم، وفي حين أن التقدم الأولي في هذه الخطة بطيء الآن، فإن وزارة الطاقة السعودية اتخذت عدة خطوات ملموسة نحو تنفيذها، حيث تستهدف اختيار الشركات الفائزة في المناقصة الثانية لمشاريع الطاقة الشمسية في وقت لاحق من العام الحالي. كما بدأت الوزارة في نيسان (أبريل) الماضي تلقي عروض المشاركة في المناقصة الثالثة لمشاريع الطاقة الشمسية.
وفي الإمارات، أعلنت إمارة أبوظبي تلقيها عرضا بسعر منخفض بشكل قياسي لإقامة مشروع للطاقة الشمسية بقدرة 2 جيجاواط. ومع دخول المشروع حيز التطبيق، ستتضاعف الطاقة الإنتاجية لقطاع الطاقة الشمسية في أبوظبي. وبعد ذلك بيوم واحد، منحت إمارة دبي عقدا لإقامة محطة للطاقة الشمسية بسعر منخفض بشكل قياسي أيضا في إطار مشروع لإنتاج 5 جيجاواط كهرباء من الطاقة الشمسية بحلول 2030.
وفي آذار (مارس) الماضي أتمت الشركات الخاصة المشاركة ترتيبات تمويل أكبر مشروع للطاقة الشمسية في سلطنة عمان وهي أكبر دولة نفطية خارج منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في الخليج.
وبحسب روبن ميلز فإن شركات الطاقة الخاصة التي تستطيع الحصول على التمويل الدولي بفائدة منخفضة، تساعد في خفض تكلفة تمويل مشاريع الطاقة الشمسية وبالتالي خفض تكلفة إنتاج هذه الطاقة في الشرق الأوسط. وأشار إلى أن استمرار نمو الطاقة الشمسية في المنطقة يعود إلى انخفاض تكلفة تمويل مشاريعها وزيادة الطلب على الكهرباء.
مواقع النشر (المفضلة)