....يتبع....




في المقابل هناك الكثير من الدراسات التي تقدم حججا قوية تدعم فكرة شراء أسهم القيمة عندما تكون معروضة بخصم سعري معقول. ففي كتابه الصادر في عام 2006 تحت عنوان "الكتاب الصغير حول استثمار القيمة" يشير "كريستوفر براون" إلى أنه في الفترة ما بين عامي 1968 و2004 تمكنت المحافظ المكونة من أسهم القيمة في السوق الأمريكي من التفوق على غيرها بعدة نقاط مئوية.



هناك الكثيرون الذين يرون أنه من المستحيل التغلب على السوق لفترات طويلة، وهم بذلك يتجاهلون سجلات الأداء الخاصة بالكثير من المستثمرين وفي مقدمتهم أساطير مثل "وارن بافيت" و"بيل ميلر" ويعتبرونهم مجرد محظوظين.



هذا الاعتقاد يعتمد بشكل أساسي على ما يعرف بفرضية السوق الفعالة التي يتم تدريسها في العديد من الجامعات. وتزعم هذه الفرضية أنه لا توجد هناك أسهم غالية وأسهم رخيصة وأن السوق هو كيان عقلاني وذكي يقوم بتسعير كل سهم يومياً بشكل مثالي بناء على المعلومات المعروفة. وأن أي شخص يحقق عوائد تفوق السوق هو مجرد محظوظ لا أكثر.



"وارن بافيت" له رأي آخر



في خطابه الشهير الذي ألقاه في 1984 في الذكرى الخمسين لنشر كتاب "تحليل الأسهم" للمستثمر البريطاني الشهير "بنيامين جراهام" (والذي نشر لاحقاً في مجلة كلية كولومبيا لإدارة الأعمال) ضرب المستثمر الأمريكي مثالاً لا يزال عالقاً في أذهان كثيرين.



افترض "بافيت" أن هناك 225 مليون أمريكي يراهن كل اثنين منهما بعضهما البعض على واحد دولار باستخدام لعبة العملة المعدنية. وفي كل يوم ينسحب الخاسرون وينتقل الفائزون إلى الجولة التالية، ويراهنون بعضهم على المكاسب التي حققوها خلال الأيام السابقة.



بعد 20 يوماً فقط، لم يتبق سوى 215 شخصاً يبلغ ربح الواحد منهم مليون دولار. مؤيدو فرضية السوق الفعالة سيقولون إن هؤلاء ما هم إلا مجموعة من المحظوظين. ولكن "بافيت" استطرد قائلاً إنه لو تمت إعادة اللعبة مرة أخرى سيفوز نفس الـ215 شخصاً.



وهذا من شأنه إثارة سؤال مهم هو: كيف تعلم هؤلاء الربح؟ هل هو الحظ أم أن هناك شيئا مشتركا بين هؤلاء؟ ببساطة إن هؤلاء الـ215 شخصاً لديهم شيء مشترك يجمع بينهم وهو المهارة والأسس الفكرية.



أغلب المستثمرين الذين استشهد بهم "بافيت" في خطاباته وأحاديثه المختلفة إما حضروا دورة "بنيامين جراهام" في كلية كولومبيا لإدارة الأعمال وإما عملوا معه في شركته الاستثمارية. وجميعهم مارسوا استثمار القيمة بأشكال مختلفة ولكنهم اشتركوا في المفهوم الأساسي الكامن وراء هذا النهج وهو شراء الأسهم بأقل من قيمتها.



وقد تمكنوا جميعاً من التفوق على السوق وتحقيق عوائد أكبر من تلك التي حققها أقرانهم الأكثر اهتماماً بأسهم النمو. فهم لم يطبقوا مبادئ استثمار القيمة بنفس الطريقة ولم يمتلكوا نفس الأسهم وكانت محافظهم مختلفة تماماً، ولكن كل ما في الأمر هو أنهم كانت لديهم أسس فكرية مشتركة.



خلاصة الكلام: كما هو منطقي أن نقوم بشراء القهوة أو الثلاجة أو غسالة الصحون عندما تكون معروضة بخصومات سعرية كبيرة، فمن المنطقي أيضاً أن يشتري المستثمر الأسهم المعروضة بخصم سعري كبير، ولكنه قبل ذلك يحتاج إلى امتلاك الجرأة الكافية ليقدم على الشراء في الوقت الذي يبيع فيه الجميع.