هناك من احترف السرقة في شهر رمضان، ولا أقصد سرقة الأموال،
بل سرقة ما هو أغلى وأثمن إنها سرقة الأوقات والأعمار والفضائل المرجوة في رمضان،
فشهر رمضان ليس شهراً لفعلِ بثٍ مباشر مع تلك اللصوص وإهمال الصلة مع المعبود؛
بل إنما هو صلة مباشرة مع الله من خلال قناة الصيام والقيام؛ لا من خلال متابعة القنوات الفضائية
ولا وسائل التواصل الاجتماعية التي خربت علينا أوقات العبادات.

والعجب أن الكثير من أهل الغفلة يبحث عن تردد القنوات ويضيع الأوقات،
ويدخل عليه هلال رمضان وليس له نصيب منه إلا قول مبارك عليكم الشهر
أو مبارك عليكم شهر رمضان وكأنه مناسبة للتهنئة فحسب!

ما أجمل أن نهنئ بعضنا بمناسبة شهر رمضان،
وأجمل تهنئة في رمضان هي تهنئة المقبلين على الله رب العالمين.

جميعنا يحذَر من سرّاق المال ويتحفّظ منهم ولكن لا يتحفَّظ من الأخطر منهم
وهم من يسرقون منك أيها الإنسان دينك وعمرك وإيمانك!

إنهم سرّاق الفضيلة، الذين يسرقون إيمان الصائم وطاعته لربه ويسرقون وقته،
فمن خلال شهر رمضان يلاحظ الجميع أن القنوات الفضائية
قد جعلت من شهر الفضيلة موسماً للمسلسلات الهابطة المشتملة على السفور والاختلاط والمشاهد المحرمة،
فتزيد من الملهيات والبرامج التي تُشغل الصائم عن طاعة ربه، فتشغل العين عن النظر في القرآن،
وتربط اللسان عن تلاوة كتاب الله أو عن كثرة ذكره، فبدل أن ينتظر الصائم الأذان ليسعى إلى الصلاة،
أصبح ينتظر المسلسلات والبرامج التافهة التي تفسد عليه أجر صيامه،
فهلا تجنب الصائم شاشة التلفاز في شهر سريع النفاذ.

فالحذر الحذر أيها الصائمون من كيد المفسدين الذين يخرّبون أجواء رمضان.

وهناك سارق آخر أشد خطراً من السارق الأول- شاشة التلفاز- ألا وهو الهواتف الذكية،
التي تنتشر بكثرة في وقتنا المعاصر، ومواقع التواصل الاجتماعي فهي مضيعة
وأيما مضيعة للأجيال والأعمار والأوقات والأخلاق والدين.

فمعلوم أن هناك أضرار وخيمة قد تنتج عن الاستخدام السيِّئ لمثل هذه الأشياء،
فضلاً عن الوقت الضَّائع الذي سيهدر الكثيرَ والكثير مِن الحسنات والمسرَّات
والنفحات المتاحة في الشهر الكريم؛ لذا وجب علينا التفكُّر والتمعُّن فيما نستخدم ولِم نستخدم،
وفي أيِّ الأوقات، أيضًا علينا تقويم استخداماتنا للهواتف والمواقع، كي لا نضيِّع الوقتَ الثمين في شهر رمضان،
بل يوجد الآن العديد مِن التطبيقات والمواقع الإسلاميَّة الكثيرة والمفيدة،
منها ما يذكِّر المسلم بأوقات الإفطار والسحور والقيام، ومنها ما يُلقى فيه الدروس وينشر الخير،
والتي ستكون بالتأكيد معينةً للمسلم في شهر رمضان الكريم،