أيها المسلمون؛ رغم ما يجري من شدة وبلاء في أرضنا المقدسة، وفي مسجدنا المبارك، إلا أن أهلنا -والحمد لله- ثابتون مستمسكون بأرضهم وعقيدتهم ومقدساتهم، هذا الذي علمنا إياه الإسلام، فنحن أمة مؤمنة، لا نخشى ولا نؤمن ولا نعتمد ولا نتوكل إلى على الله، وأنتم تعرفون تمام المعرفة أن الظلم لا يدوم، ومن يظلم يخرب بيته بنفسه؛ (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) ~ [إبراهيم: ٤٢]، أما قال الله -تعالى-: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) ~ [النمل: ٥٢]، فالظلم -يا عباد الله- أدعى شيء إلى سلب النعم، وحلول النقم، وأنتم ترون كيف انتشر الظلم، هدم البيوت، وقتل الناس، وتعذيب الأبرياء، وتشديد الخناق على أسرانا، كل ذلك من الظلم، تهجير الناس من مساكنهم، ومصادرة الأراضي، كل ذلك من الظلم، وتذكروا أن الأيام دول، فاعتبروا يا أولي الأبصار.
هل رأيتم نعيما دائما لا يزول؟ أو حيا دائما لا يموت؟ فهما مقرونان بالفناء، ونحن على أبواب شهر رمضان، شهر العبادات والصلوات والخلوات والجلوات، شهر التسابيح، شهر التراويح، شهر المبرات، والأعمال الصالحات، فأحسنوا العمل، وأخلصوا النية، وأصلحوا ذات بينكم، واجمعوا أمركم، ووحدوا كلمتكم، رغم تغير الإخوان، ونكبات السلطان، رغم الغربة في العباد والبلاد، ومدافعة الدهر وانتظار الأقدار.
عباد الله: لما دخل إخوة يوسف عليه عرفهم ولم يعرفوه، فخلا بكبيرهم وقال له: "بم أوصاك أبوك؟ قال: بأربع. قال: وما هن؟ قال: يا بني لا تتبع هواك فتفارق إيمانك، فإن الإيمان يدعو إلى الجنة، والهوى يدعو إلى النار، ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتسقط من عين الله، ولا تسئ بربك الظن فلا يستجيب لك، ولا تكن ظالما؛ فإن الجنة لم تخلق للظالمين".
عباد الله: سلوا الله من فضله، فإن الله يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج، اللهم إن كنت تعلم أن وجودنا لم يكن إلا للفرار بديننا إليك فاجعل وجودنا سببا في خاتمة الخير، وصل جوارنا لك بعكوفنا عند بيتك بجوارك في دار كرامتك، يا واسع المغفرة.
ولا تنسى دومًا وأبدًا مداومة الصلاة على النبي المختار. والصلاة الإبراهيمية التي أوصانا بها ﷺ «اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»
مواقع النشر (المفضلة)