.



تابع :




قالوا : أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق أن الناس يحشرون يوم القيامة على أرض بيضاء مستوية كما في الصحيحين: (يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء، عفراء، كقُرصة النَقِيِّ، ليس فيها عَلَمٌ لأحدٍ) ،أي مثل قرص الخبز الأبيض، الخالص البياض، فأين هي الجبال حتى ينظر الناس إليها يوم القيامة؟ فهذا نص قاطع على أنه ليس في الآخرة جبال ولا وهاد، ولا قصور ولا بناء.




الكلام هنا في ثلاث نقاط : النقطة الأولى : هي أن هذا الأسلوب الذي في الآية لا يشترط وجود وحضور السامع في مكان وزمن حصول الأمر المُخبر عنه ، فهذا أسلوب وصف مشهد، وإخبار عن حال يُقصد به نقل السامع وكأنه يشاهد ما يُخبر عنه .

وهو موجود في أشعار العرب، ومثاله في القرآن قوله تعالى ( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ) ومعلوم أن كل من يسمع ويقرأ القرآن من البشر لم يكن موجودًا في ذلك الزمن، ولكنه وصفهم ولفت أذهاننا ونقلها وكأننا نشاهدهم ، وقبلها ( وترى الشمس ) .



ومثاله في شعر العرب وهو كثير قول امرؤ القيس ( تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا ..... وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ)


فكل من يسمع هذا البيت ينتقل فكره وذهنه لهذا المشهد، ولا يُشترط حضوره ووجوده في هذا المكان والزمان .


وأنا أقول : لا يُشترط ، فقد يحضر ويوجد وقد لا يحضر ! إذا اتضح لك هذا فانظر إلى النقطة الثانية :


لا يوجد في الحديث الذي ذكره المتكلف ما ينفي رؤية الناس للجبال، غاية ما فيه أنهم يُحشرون في أرض بيضاء لا جبال ولا أشجار فيها، ولكن قبل هذه اللحظة أو المرحلة هل عنده دليل على أن الناس و الجبال لا يجتمعان في هذا اليوم وأنه لا وجود للجبال يوم القيامة ؟ لا يوجد لديه دليل على هذا، بل الدليل ضده كما سيأتي


لنا لقاء بمشيئة الله .


<


.