أيُّها الْمُؤمِنُونَ,
إذا حَلَّ عامٌ هجريٌّ جديدٌ فإنَّهُ يذكِّرنا باليومِ العاشِرِ, بيومِ النَّصر العظيمِ يومَ نجَّى اللهُ موسى عليهِ السَّلامُ
ومن معهُ مِن فِرْعونَ وبَطْشِهِ وظُلمهِ فقد أقرَّ اللهُ أعيُنَ المسلمينَ بهلاكِ أَعْتى الطُّغاةِ وَأَشْقَاهُم!
لذا أَخَذَ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ على نفسِهِ العهدَ على صِيامِ ذلكَ اليومِ حين وَجَدَ اليهودَ تصومُهُ
وقَالَ:(فَأَنَا أحقُّ بموسى منكم). فصامَهُ وأَمَرَ بصيامِهِ وقالَ:(لئن عِشْتُ إلى قَاِبٍلٍ إنْ شَاءَ اللهُ لأُصُومَنَّ التَّاسعَ).
وَلَمَّا سُئِلَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عن فَضْلِه قَالَ:(صَومُ يومِ عَاشُورَاءَ إنِّي أحتسبُ على اللهِ أنْ يكفِّرَ السَّنةَ الْمَاضِيَةَ).
فَاجْتَهِد في صِيَامِ التَّاسعِ مَعَ العَاشرِ.
وعلى هذا فَصِيامُ عَاشُورَاءَ عَلى مَرَاتِبَ أَدْنَاهَا أَنْ يُصامَ يَومُ الاثْنِينِ القَادِمِ وَحدَهُ، وَفَوقَه أَنْ يُصامَ التَّاسعُ مَعَهُ،
وأكْمَلُها أنْ يُصامَ التَّاسعُ والعَاشِرُ وَالحَادِيَ عَشَرَ. وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:
(أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ،).
قال الإمامُ النَّوويُّ رَحِمَهُ اللهُ: وهذا تَصرِيحٌ بأنَّهُ أَفْضَلُ الشُّهورِ لِلصَّومِ. فَاجْتَهِد فِي صِيَامِ أَيَّامِ الاثنينِ والخَمِيسِ وَأيَّامِ البِيضِ,
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ.
عبادَ اللهِ: نحنُ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ نَصُومُ عاشوراءَ اقتداءً بسُنَّةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ,
وَرَجَاءَ تَكْفِيرِ ذُنُوبِ سَنَةٍ كامِلَةٍ, وشكراً للهِ تعالى على نجاةِ مُوسَى عليه الصَّلاةُ والسلامُ, وإغراقِ رَأسِ الطُّغَاةِ.