نائب المراقب العام
محـ اليتامى ـب
الحالة
غير متصل
رد: وقفات تأمل مع عامنا 1445 الهجري الجديد
أيُّها المؤمنُ,
إذا حَلَّ عامٌ هجريٌّ جديدٌ فإنكَ تَشعُرُ بالعزِّ والفَخَارِ بأنَّكَ تنتسبُ لهذا الدِّينِ الْحنيفِ, والتأريخِ الْمَجِيدِ,
الذي يربطُ بَينَ الأَنْبِيَاءِ جَمِيعَاً بِحَاضِرِهم ومُستقبلِ دِينِهم ودَعوتِهم.
وفي مَطلَعِ عَامٍ هِجريٍّ جَدِيدٍ فَإنَّا نَزْدَادُ تَعْظِيماً لِمَا عَظَّمَهُ اللهُ سبحانَهُ وحرَّمهُ!
فقد أضافَ الرَّبُّ جلَّ وعلا الشَّهرَ الْمُحرَّم إلى نَفْسِهِ تَشريفًا وَتَكْريمًا،
فهو أوَّلُ الأشهرِ الحُرُمِ التي قَالَ عنها:
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ).
وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ: (السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا
مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ).
قَالَ ***ُ عباسٍ رضي الله عنهما اختصَّ اللهُ الأَشهُرَ فَجَعَلهُنَّ حَرَامَاً وَعَظَّم حُرمَاتِهِنَّ،
وَجَعَلَ الذَّنبَ فيهنَّ أَعْظَمَ وَالعَمَلَ الصَّالِحَ وَالأَجرَ أَعْظَمَ.
ولَمَّا ذكَّرَ اللهُ بعِظَم هذهِ الشُّهور عقَّبَها بتَحرِيمِ الظُّلمِ فيها،
ذلِكَ أنَّ الظُّلمَ سببُ كلِّ شرٍّ, فَمَتى فشا في أمَّةٍ آذنَ اللهُ بِأُفُولِها,
وفي الحديثِ القُدسي: (يا عبادي, إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نَفسِي, وجعلتُـهُ بينَكم مُحرمًا, فلا تَظَالَمُوا).
وَأَعْظَمُ الظُّلمِ باللهِ الإشراكُ باللهِ سُبحَانَهُ! فَهَذَا لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ, وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ!
وَظُلمٌ آخَرُ لا يترُكُهُ اللهُ تَعَالَى, وَهُو ظُلمُ الغَيرِ, فلا بدَّ من أخذِ الحقِّ لِلمَظلُومِ, وَلَو بَعْدَ حَينٍ!
أمَّا ثَالثُ أنواع ِالظُّلمِ: فهو ظُلمِ العبدِ نَفسَهُ بالْمعَاصي: فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ . فالبَصَرُ نِعمَةٌ, سَخَّرها بعضُنا في نَظَرِ الحرامِ,
والسَّمع نِعمَةٌ صَرفها البَعضُ في سَمَاعِ الحرامِ، والنُّطقُ والِّلسانُ نِعمَةٌ سخَّرها البعضُ في قَالَةِ السُّوءِ!
وكُلُّ الأعضاء نِعْمَةٌ! وَسَتَنْطِقُ شَاهِدَةً عَلَينَا وَتَقُولُ: أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ .
عِبَادَ اللهِ: شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمِ يذكِّرنا بالسُّنَّةِ العُمَريَّةِ الرَّاشِدَةِ حين جَمَعَ الصَّحَابَةَ وَاسْتَشَارَهُم، فِي وَضْعِ تَأْرِيخٍ يَتَعَرَّفونَ به على أُمُورِهم،
وَكَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مُلْهَمًا, فَقَالَ: (الهِجْرَةُ فرَّقَتْ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، فَأَرِّخوا بها).
ثُمَّ اسْتَشَارَهُم فِي أَيِّ شَهْرٍ نَبدَأُ؟ فَاخْتَارُوا الْمُحرَّمَ وأَجْمَعُوا عليه؛
لأنَّه الشَّهرُ الذي بَايعَ فِيهِ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الأَنْصَارَ عَلى الهِجْرَةِ، فَكَانَ أَولى الشُّهورِ بالأَوَّلِيَّةِ.
وَلِأَجْلِ هَذا كَانُ رَأْيُ عمرَ سَدِيدًا، إذْ جعَلَهُ تَأْريخًا لِهَذِهِ الأُمَّة، تَضبِطُ أَحْدَاثَهَا، ويكونُ شِعارًا لها في عِبَادَاتِها
ومُعَامَلاتِها وَأَحْوالِها, فالتَّأريخ الهجريُّ مُرتَبِطٌ بالدِّينِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ
لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ). فالشَّهرُ القَمَرِيُّ يَعرِفهُ كلُّ النَّاسِ.
أمَّا الْمِيلادِيُّ فهو مُرتبطٌ بِدينَينِ بَاطِلينِ، وثنيَّةُ الرُّومانِ، التي تُمَجِّدُ الآلِهَةَ الْمَزْعُومَةَ. وَتَأَرِيخُ النَّصارى،
الذي رُبِطَ بميلادِ المسيحِ عليه السَّلامُ كذِبَاً وزوراً،
من هنا نعرفُ أنَّ تقويمَهم وَضعِيٌّ، غيرَ مَبنيٍّ على أساسٍ كونِيٍّ! بخلاف التَّقويمِ الإسلامِيِّ الْمُرتبطِ بظاهرةٍ كونِيَّةٍ واضِحَةٍ،
قَالَ تَعَالَى: (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ).
أيُّها المُسلِمونُ: ومن الْمؤسفِ أنْ يَعْدِلَ مُسلِمٌ عن التَّأريخِ الإسلاميِّ الهجريِّ إلى تأريخِ النَّصارى الْمِيلاديِّ الذي لا يَمُتُّ إلى دينِنَا بِصِلَةٍ,
فالاعتمادُ على الأشهرِ الغَرْبِيَّةِ فقط طَمسٌ للهويَّةِ الإسلاميَّةِ! ألم يقلْ نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:
(لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى). فيا عبادَ الله: اقدروا للأمرِ قَدْرَهُ،
ولا تَتَساهَلُوا فيه، فإنَّ العِزَّةَ بِاتِّبَاعِ سَبِيلِ المُؤمِنينَ.
وإنَّ الذُّلَّ والهَوَانَ باتِّبَاعِ الْمُشْرِكِينَ.
نَسْألُ اللهَ أنْ يُرِيَنَا الحَقَّ حَقَّاً وَيَرْزُقَنَا اتِّبَاعَهُ, وَأنْ يُرِيَنَا البَاطِلَ بَاطِلاَ وَيَرْزُقَنَا اجْتِنَابَهُ, وَأنْ يُهَيئَ لَنَا مِنْ أمْرِنَا رَشَدَاً,
وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائِرِ الْمُسلِمِينَ فَادْعُوهُ واسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
يارب لك أرفع أكف الضراعة وإيمانى بك يملأ قلبى بكل القناعةيارب ياعظيم
ياصاحب العرش الكريم يارحمن الدنيا والآخرة ورحيمهمايامن لايعجزه شيء في السماء ولافي الأرض ياقوي ياقادرأسألك أن تغفرلأمي وأبي وترحمهما وتوسع لهما في قبريهما وتنورلهما فيه يارب

مواقع النشر (المفضلة)