نائب المراقب العام
محـ اليتامى ـب
الحالة
غير متصل
رد: شخص يسأل كيف يرفع قضية حجر على والده ، وماهي المستندات والأوراق المطلوبة ؟
هل يحق لهم الحجر على أموال والدهم لكبر سنه وتبذيره في المال ؟
السؤال
يبلغ الأب أربعا وثمانين عاما ، أحيانا يكون مالكا للعقل ، وأحيانا ﻻ يعرف أبناءه ، وقد بدأ يزوره أناس من عمان ، ويحضرون له بعض الأشربة ، ويشتريها منهم بمبالغ كبيرة ، قد تصل للمليون . فهل يحق لأبنائه أن يحجروا عليه ؟
الجواب
الحمد لله.
أجاز جمهور العلماء الحجر على الرجل البالغ إذا لم يكن رشيداً يُحسن التصرف في أمواله ، أو كان مفسداً لها ، أو فاقداً لعقله ، أو أصيب بخلل فيه .
" فالْمُسْرِفُ فِي الأْمْوَال : يُعْتَبَرُ سَفِيهًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ، لأِنَّهُ يُبَذِّرُ الأْمْوَال وَيُضَيِّعُهَا عَلَى خِلاَفِ مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَالْعَقْل ...
وَعَلَى ذَلِكَ : فَالإْسْرَافُ النَّاشِئُ عَنِ السَّفَهِ سَبَبٌ لِلْحَجْرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ : الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، وَهُوَ رَأْيُ الصَّاحِبَيْنِ: أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَهُمْ ".
انتهى من "الموسوعة الفقهية" (4/194) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" أيضاً (17/92) : " وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمَجْنُونِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا أَمْ طَارِئًا ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ قَوِيًّا أَمْ ضَعِيفًا ، وَالْقَوِيُّ : الْمُطْبِقُ ، وَالضَّعِيفُ : غَيْرُهُ ". ويلحق بالمجنون : الرجل الذي كبرت سنه واختل عقله ، بحيث لا يحسن التصرف ولا التدبير.
قال ابن قدامة : " قَالَ أَحْمَدُ : وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ يُنْكَرُ عَقْلُهُ ، يُحْجَرُ عَلَيْهِ ، يَعْنِي : إذَا كَبِرَ ، وَاخْتَلَّ عَقْلُهُ ، حُجِرَ عَلَيْهِ ، بِمَنْزِلَةِ الْمَجْنُونِ ؛ لِأَنَّهُ يَعْجِزُ بِذَلِكَ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ ، وَحِفْظِهِ ، فَأَشْبَهَ الصَّبِيَّ وَالسَّفِيهَ ". انتهى من "المغني " (6/610) .
وقال العمراني : " والدليل على ثبوت الحجر على السفيه والصبي والمجنون أيضاً ، قَوْله تَعَالَى : ( فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) ، والسفيه يجمع : المبذر بماله ، والمحجور عليه لصغر.
والضعيف يجمع : الشيخ الكبير الفاني ، والصغير ، والمجنون.
فأخبر الله تعالى : أن هؤلاء ينوب عنهم أولياؤهم فيما لهم وعليهم ، فدل على ثبوت الحجر عليهم ". انتهى من "البيان في مذهب الإمام الشافعي" (6/207) .
وقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (6/ 291): عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : " كَتَبَ نَجْدَةُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ ، أَوْ أُنْكِرَ عَقْلُهُ ، فَكَتَبَ إلَيْهِ : " إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ ، أَوْ أُنْكِرَ عَقْلُهُ : حُجِرَ عَلَيْهِ".
وقال المرداوي : " وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: أَرَى أَنْ يَحْجُرَ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ إذَا أَسْرَفَ ، أَوْ كَانَ يَضَعُ مَالَهُ فِي الْفَسَادِ". انتهى من "الإنصاف" (5/333).
وبناء على هذا :
إذا ظهر من والدكم ما يُنكر عليه في عقله أو تصرفاته المالية ، فلا حرج عليكم من رفع الأمر للقاضي الشرعي لينظر في حالته ، ويحكم عليه بالحجر أو عدمه ، حسب ما يتبين له من دراسة حالته من خلال كلام أهل الخبرة والاختصاص .
وذلك لأن الحجر حكم قضائي لا يتم إلا بحكم القاضي الشرعي ، كما هو مذهب جمهور العلماء.
قال ابن قدامة : " وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا الْحَاكِمُ [ أي القاضي ]، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ... لأَنَّ التَّبْذِيرَ يَخْتَلِفُ ، وَيُخْتَلَفُ فِيهِ ، وَيَحْتَاجُ إلَى الِاجْتِهَادِ ، فَإِذَا افْتَقَرَ السَّبَبُ إلَى الِاجْتِهَادِ ، لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ " انتهى من "المغني" (6/610) ، وينظر : "الموسوعة الفقهية الكويتية" (17/96-97) .
والله أعلم .
يارب لك أرفع أكف الضراعة وإيمانى بك يملأ قلبى بكل القناعةيارب ياعظيم
ياصاحب العرش الكريم يارحمن الدنيا والآخرة ورحيمهمايامن لايعجزه شيء في السماء ولافي الأرض ياقوي ياقادرأسألك أن تغفرلأمي وأبي وترحمهما وتوسع لهما في قبريهما وتنورلهما فيه يارب

مواقع النشر (المفضلة)