نتائج غزوة بدر


أصبحت شوكة المسلمين قوية، وأصبحوا مرهوبين بين قبائل الجزيرة العربية كلها، وتعززت مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وارتفع نجم الإسلام فيها، ولم يعد المتشككون في الدعوة الجديدة، والمشركون في المدينة يتجرؤون على إظهار كفرهم، وعداوتهم للإسلام؛ لذا ظهر النفاق، والمكر، والخداع، فأعلنوا إسلامهم ظاهرا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وازدادت ثقة المسلمين بالله تعالى وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. ودخل عدد كبير من مشركي قريش في الإسلام، وقد ساعد ذلك على رفع معنويات المسلمين الذين كانوا لا يزالون في مكة، فاغتبطت نفوسهم بنصر الله، واطمأنت قلوبهم إلى أن يوم الفرج قريب، فازدادوا إيمانا على إيمانهم، وثباتا على عقيدتهم.
كسب المسلمون مهارة عسكرية، وأساليب جديدة في الحرب، وشهرة واسعة داخل الجزيرة العربية، وخارجها. أما قريش، فكانت خسارتها فادحة، فإضافة إلى أن مقتل أبي جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وغيرهم من زعماء الكفر؛ الذين كانوا من أشد القرشيين شجاعة، وقوة، وبأسا لم يكن خسارة حربية لقريش فحسب، بل كان خسارة معنوية أيضا؛ ذلك: أن المدينة لم تعد تهدد تجارتها فقط، بل أصبحت تهدد أيضا سيادتها ونفوذها في الحجاز كله. وبذلك تعد غزوة بدر رغم صغر حجمها معركة فاصلة في تاريخ الإسلام، ولذلك سماها الله عز وجل بيوم الفرقان، قال تعالى: {ومآ أنزلنا علىٰ عبدنا يوم ٱلفرقان يوم ٱلتقى ٱلجمعان} [الأنفال: 41]، ففرق بها سبحانه بين الحق والباطل؛ فأعلى فيها كلمة الإيمان على كلمة الباطل، وأظهر دينه، ونصر نبيه وحزبه.