نائب المراقب العام
محـ اليتامى ـب
الحالة
غير متصل
رد: بالشكر تدوم النعم
فإن قلت: فما الشكر؟
قلت: قد شرحه العارفون. وبيَّنوا حقيقته.
وأنا أختصر لك القول فيه، وآتي بما يقرِّب من فهمك؛ فأقول: الشكر يكون بالقلب واللسان والأفعال.
هذه أركانه، الثلاثة:
أما القلب - وهو أعظمها - فالمراد منه أن تعلم وتعتقد أن الله هو الذي منحك النعمة لا أحد سواه شاركه،
إذ الكل مربوب فقير إلى الله، والله هو الغني الحميد، فكل نعمة إنما هي منه سبحانه وتعالى،
ولكنه قدر لوصولها إليك أسبابًا، فلا يجوز بحال أن تتعلق بالسبب وتغفل عن المسبب سبحانه وتعالى.
وأمَّا اللسان فالمراد منه حمد اللَّه تعالى عليها والتحدُّث بها بقوله تعالى: {واشكروا لي ولا تكفرون} سورة البقرة: 152.
وقال تعالى: {وأَمَّا بِنِعْمَةِ ربِّكِ فَحَدِّثْ}. سورة الشرح: 11.
فيتحدَّث بها لا لرياء وسمعة وخيلاء، بل للثَّناء على الرب تباركَ وتعالى.
وأمَّا الأفعال فالمُراد منها امتثال أوامر المنعِم واجتناب نواهيه.
وهذا يخصّ كل نعمة بما يليقُ بها، فلكلِّ نعمة شكر يخصُّها.
والضابط أن تستعمل نِعم اللَّه تعالى في طاعته
وتتوقَّى من الاستعانة بها على معصيته.
فليس من شكر النعمة أن تهملها وتشكر على وجه غير الوجه الذي عليه بُنيت،
فمن عَدَلَ عنها إلى نوعٍ آخر من الشكر فقد قصَّر، وترك الأهم.
وإنَّما الرشيد من جمعَ بين الأمرين،
فإن كان لا بدَّ من التفرقة فالأنسب استعمال كل نعمة فيما خلقت له،
وهذا يتَّضح بأمثلة كثيرة جدًا،
فخذ هذه الأمثلة، وعليك أن تنظر فيما وراء ذلك مما يكون على شاكلتهم.
فمن شكر نعمة العيون أن تستر كل عيب تراه لمسلم وتغضّهما عن كل قبيح،
إلى غير ذلك من أحكام النظر،
فإن أنتَ أخذت تصلِّي كل ليلة ركعتين على شكر نعمة البصر؛
وأنت مع ذلك تستعملهما في النظر إلى المحرَّم،
فلستَ بشاكرٍ هذه النعمة حقَّ شكرها.
ومن شكر نعمة الأذنين ألَّا تسمع حرامًا، وأن تستر كل عيب تسمعه؛
فإن أنت تصدَّقت بدرهمين شكرًا للَّه تعالى على نعمة الأذنين
وهتكتَ كل قبيح سمعته، وأصغيت إلى كلِّ حرامٍ وَعَيته فلستَ من الشاكرين.
ومن شكر نعمة اللسان ألا يتحرك فيما حرم الله تعالى،
وأن تستعمله فيما يعود عليك وعلى الناس بالخير،
فإن أنت قمت بأداء الصلوات، فرضها ونفلها،
ثم أنت مع ذلك لا تتورع عن الغيبة ولا النميمة والسب واللعن فلست من الشاكرين
يارب لك أرفع أكف الضراعة وإيمانى بك يملأ قلبى بكل القناعةيارب ياعظيم
ياصاحب العرش الكريم يارحمن الدنيا والآخرة ورحيمهمايامن لايعجزه شيء في السماء ولافي الأرض ياقوي ياقادرأسألك أن تغفرلأمي وأبي وترحمهما وتوسع لهما في قبريهما وتنورلهما فيه يارب

مواقع النشر (المفضلة)