وهناك صورة أخرى لـ "sympathy play" أو أسهم التجانس تتعلق بسلسلة التوريد التي تقوم عليها شركة ما ودرجة ارتباط صناعة ما بأخرى.
وعلى سبيل المثال، فقد اضطرت "أبل" لخفض إنتاجها من "الآيفون" هذا العام بسبب شح أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية.
وعلى الرغم من تحقيق "أبل" لنتائج جيدة بشكل عام في 2021، إلا أن أي انفراجة في سوق الرقائق، ستؤدي لزيادة قدرة الشركة على الإنتاج وبالتالي تحسن النتائج واحتمال حدوث ارتداد صاعد في سعر سهم "أبل".
وهنا تظهر قيمة ترقب المستثمر المتميز لما يعرف بـ"الأخبار الخام" أي التي قد تكون غير ذات قيمة لغيره من المستثمرين أو التي تظهر نتائجها في نتائج أعمال الشركات لاحقا، وبالتالي أسعار الأسهم.
وهناك أمر آخر ينبغي التنبه إليه عند ترقب الارتدادت في السوق، ويتعلق بمدى حيوية قطاع السهم والاقبال عليه والتفاؤل والتشاؤم حوله.
ولعل المثال الصارخ على ذلك عدم تحقيق أسهم شركة "ألفابت" لارتفاعات سعرية كبيرة في شهر فبراير الحالي، على الرغم من نتائج أعمال الشركة المتميزة، وذلك بسبب التشاؤم العام الذي سيطر على مؤشر "ناسداك".
وهذا لا يلغي تمامًا الرهان على مثل تلك الأسهم ولكنه يجعله رهانًا طويل المدى بمعنى الشراء للاحتفاظ لفترة وليس الشراء للبيع السريع لاستغلال تقلبات السوق لتحقيق أرباح سريعة كبيرة نسبيًا.
وهناك ضرورة للتنبه أيضًا لتاريخ السهم، فقد يكون السهم في قطاع نشط ولكنه لم يحظ أبدًا في المدى المنظور بارتفاعات لافتة، أي أنه لم يكن ما يعرف بـ"former runner" أو حصان السبق الفائز قبل ذلك.
الإحصاء واستنباط الارتدادات
وهناك عدد من الاستراتيجيات الأخرى لتبيان نقاط الارتداد في الأسواق أيضًا وتشمل: المتوسط المتحرك لـ50 أو 100 أو 200 يوم، وطريقة لفائف السوشي، ورفسة القطة الميتة.
أما فيما يتعلق بمؤشر المتوسط المتحرك، سواء 50 أو 100 أو 200، فهو يتم بجمع أسعار الإقفال لسهم ما لمدة 50 يومًا (أي 10 أسابيع تداول) ثم قسمتها على 50 ليظهر متوسط قيمة الإقفال في 50 يومًا وبالمثل في حالة الـ100 يوم والـ200 يوم.
وتستخدم هذه الوسيلة لبيان حركة السهم خلال 10 أسابيع حتى 40 أسبوعًا، بما يجعل التنبؤ بارتداد الأسهم (عند سعر محدد في الوقت الحالي) ممكنًا.
وبطبيعة الحال كلما زادت أسابيع تلك الوسيلة زادت دقتها بصورة أكبر، ولكن العوامل المؤثرة على سعر السهم تزداد بطبيعة الحال بما يجعل تحليل أسباب الارتفاع أو الانخفاض أصعب وبالتالي الوصول لنتيجة حاسمة حول احتمالات الارتداد أصعب أيضًا.
رفسة القطة الميتة
استراتيجية "رفسة القطة الميتة" Dead cat bounce مستلهمة من الثقافة اليابانية، حيث يعتقد اليابانيون أن تماثيل القطط المعروفة باسم "مانيكي نيكو" تجلب الحظ والسعادة، وهي استراتيجية للمدى القصير في تحليل الارتدادات ومعروفة من قبل مستخدمي التحليل الفني.
ويعود ذلك إلى قصة قديمة تدور حول امرأة عجوز فقيرة للغاية اضطرت إلى ترك قطتها لأنها لا تقدر على إطعامها، فجاءتها القطة في المنام واقترحت عليها صنع تماثيل من الخزف على هيئتها، فقامت بذلك بالفعل. وكانت تلك بداية نجاح "المانيكي نيكو" التي جلبت ثروة هائلة لصاحبتها الفقيرة.
لكن الأمر يختلف في عالم أسواق المال، فالأمثولة الأشهر للقطط هنا تشير إلى ارتداد الأسهم الذي يتجلى في نمط "رفسة القط الميت".
وعادةً ما يشير النمط سالف الذكر إلى سوق هبوطية تشهد ارتفاعاً حاداً ومؤقتاً في سعر الأسهم يتبعه مزيد من الانخفاض وذلك لعدم زوال أسباب الهبوط بشكل أساسي.
ويجعل هذا الأمر بعض المتداولين يبادرون لشراء السهم باعتباره صفقة رابحة عند بداية الانخفاض الحاد، وهو ما يسهم بدوره في تغذية الارتداد الصاعد، لذلك يكون انخفاض السعر لفترة مؤقتة.
وغالبًا ما تعتبر عودة السعر إلى ما كان عليه أو إلى مركز قريب مما كان عليه عند بدء التداول هي النقطة المناسبة للتخلى عن الأسهم قبل العودة للانخفاض مجدداً، وهنا ينبغي التحلي بالمرونة، إذ لا ينبغي انتظار العودة لنفس سعر الافتتاح بالضبط.
وتحتاج استراتيجية "وثبة القط الميت" إلى دقة ومتابعة حثيثة لتمييز النمط واختيار الوقت المناسب للتخلص من الأسهم المتوقع عودتها للهبوط، ومن ثم تحقيق أرباح "المانيكي نيكو" عبر مراقبة ارتداد أسهم "القط الميت".
لفائف السوشي
أما استراتيجية "لفائف السوشي Sushi Roll " فتعتبر واحدة من أدق وسائل التنبؤ بتوجهات السوق، وارتدادات الأسهم إذ توفر وسيلة للتنبؤ بارتفاع مفاجئ أو انخفاض مفاجئ لسهم ما بما يسمح للمتعامل في السوق باتخاذ القرار الأفضل بالشراء أو البيع.
ويبدو أن التشابه بين نمط التداول المثير للاهتمام والطعام الياباني الشهير من حيث دقة طي طبقاته واتساق لفائفه وتمايز ألوانه، كان السبب وراء تسميته بهذا الاسم أثناء تناول بعض المستثمرين للسوشي على الغداء.
بصورة أساسية، تعتمد تقنية "لفائف السوشي" على مقارنة خمسة أيام تداول تتحرك في نطاق ضيق تتبعها خمسة أخرى تبتلع السابقة في شكل هبوطي أو صعودي حسب النموذج، بمعنى آخر، يقوم النمط الاستثنائي على مقارنة التحركات الخمس الأخيرة بالتحركات الخمس التي سبقتها لتحديد ما إذا كان السوق يغير اتجاهه.
في كتابه "المتداول المنطقي"، يناقش مارك فيشر تقنيات تحديد قمم وقيعان السوق المحتملة، حيث تأتي استراتيجية "لفائف السوشي" كمؤشر للتحذير المبكر بشأن تغير اتجاهات السوق في إطار النظام الذي وضعه خبير التداول.
وقياساً على ذلك، فعندما يظهر نمط "لفائف السوشي" في اتجاه هبوطي، فإنه ينبه المتداولين إلى فرصة محتملة لشراء مركز قصير أو الخروج من السوق بالبيع. وذلك، بعكس ظهور النمط ذاته في اتجاه صعودي، بحيث يلفت انتباه المتداولين إلى فرصة محتملة للبيع، أو شراء مركز قصير.
ولاختبار جدوى نمط "لفائف السوشي" وموثوقيته، فقد خضع للاختبار مقارنةً باستراتيجية الشراء والاحتفاظ التقليدية في تنفيذ الصفقات على مؤشر "ناسداك" المركب على مدار 14 عامًا.
وبشكل لافت، أظهرت النتائج تفوق النمط الاستثنائي بفارق، حيث بلغت عوائد التداول وفق نمط "لفائف السوشي" 29.31%، في حين كانت عائدات التداول استناداً إلى نظيره التقليدي 10.66 %.
ويبقى تحقيق أقصى ربح ممكن من كافة التحليلات السابق مرتبطًا بالقدرة على تحديد "نقطة التشاؤم القصوى"، أي التي يبلغ فيها السهم أقصى درجات انخفاضه ليتدخل المستثمر هنا بالشراء (أو بالبيع إذا كانت نقطة تفاؤل قصوى).
ويصعب هنا تحديد ألية واضحة لذلك، ولكن المستثمر الكبير "وارين بافيت" يحددها بعبارته الأنيقة "كن طماعًا عندما يكون الجميع خائفين، وكن خائفًا عندما يكون الجميع طماعين".

https://www.argaam.com/ar/article/ar...ail/id/1535440