إن من يعش مع كتاب الله ويتدبر في آياته تغمر قلبه ووجدانه الأنوار الالهيه والربانيه الساطعه فيجد تعلقا غريبا بكلمات الله عز وجل وانجدابا تاما لها.
والقرآن الكريم كان ولايزال المعجزه الإلهية الكبرى في حياة الإنسان وأن دينا متكاملا أبديا وخالدا لابد أن يكون له كتاب متكامل أبدي وخالد
والقرآن الكريم بإسلوبه المعجز الذي يجمع كل دقائق الأمور الحياتية يقدم منهجا متكاملا في الأخلاق والتشريع والعبادة بشكل عام.

فكلنا يعرف الحديث المروي عن ام المؤمنين عائشه رضي الله عنها حين سئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ( كان خلقه القرآن)

فما هي الأخلاق القرآنيه؟وما أهميتها في حياتنا ومدى حاجتنا للتخلق بها ومعرفتها؟

سوف نتحدث في هذا الموضوع ونضعه بشكل دروس متتاليه مقتبسه من كتاب الله ومستندة إلى آياته الشريفه بالاضافه الى بعض الجهد المنقول والشخصي.

**********

معنى الأخلاق:
تستعمل كلمة خلق في اللغه بمعنى السجيه
وبالطبع والدين والعادة والمرؤه ويعرف علماء الأخلاق هذه الكلمه بأنها ملكة من ملكات النفس والأخلاق هو العلم الذي يبعث الكمال في النفس البشريه.
**********

الخلق الأول: محبة الله والشوق اليه

يقول تعالى (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله)البقره ١٦٥
ويقول أيضا (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وأخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين) التوبه ٢٤

إن الحب تعلق وجودي وانجذاب خاص بين شيئين مختلفين أحدهما أسمى من الآخر فالمحب دائما يرى عناصر الكمال والجمال والسمو وإلا فلم الحب؟ والحب كما نعلم ذو مراتب ومنازل مختلفه..فالحب النسبي يشتمل على حب الإنسان للغداء والمال والجاه والعلم..والحب المطلق يشمل حب الله سبحانه وتعالى حيث لاشئ يعترض الأحاسيس الوجدانية الملتهبه في عمق الإنسان..
وإذا كان الحبيب لايقبل بأقل من رضاء حبيبه فإن الإنسان المؤمن لا يرى له وجودا في الحياة بغير رضى الله سبحانه وتعالى
والاحساس الصادق الذي يعترك النفس الانسانيه ويتجه نحو شئ يسميه الغربيون
بالمجهول نسميه نحن بالله سبحانه وتعالى
هذا الاحساس الصادق النظيف إنما هو أساس العلاقه المتينه بين الإنسان المؤمن وخالقه العظيم..إن الله سبحانه وتعالى هوأهل للحب المطلق لأنه يتميز بكل صفات الكمال المطلق..و هو على كل حال يبادل الحب حبا..(يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولايخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) المائده ٥٤.
إن الشوق لايخلو من ألم الفراق..ولو زال الفراق وحصل الوصال لأنتفى الشوق..والإنسان في شوق دائم للتقرب من الله ..وأفضل مراتب الشوق هي الشوق الى الله سبحانه والى لقائه..فإذا علم الانسان بأنه قد بقي من جلال الله وعظمته شئ مستور عن عينيه لايسكن شوقه ابدا وما من انسان الا ويرى فوق درجته درجات كثيره لانهاية لها فيشتاق إليها.

فأسباب الحب مجتمعة في حق الله تعالى ولاتوجد في غيره
السبب الأول هومحبة النفس ..فكيف يتصور أن يحب الانسان نفسه ولايحب ربه الذي به قوام نفسه
والسبب الثاني هو الالتذاذ والإحسان فمعلوم أنه لالذة ولا احسان الا من الله تعالى ولامحسن سوى الله
السبب الثالث هو والحسن والجمال والكمال ولاريب بأن الله تعالى هو الجميل بذاته والكامل بذاته وهو الجمال المطلق والكمال المطلق وحقيقتها منحصره به تعالى فهو المستحق لأصل المحبة وكمالها.

**********