"السفر يقتل الانحياز، والتعصب الأعمى، وضيق الأفق، و لهذه الاعتبارات فإن الكثيرين ممن نعرفهم يحتاج إليه بشدة." - مارك توين.


لم يكن مارك توين إلا واحداً من بين كثيرين من الكُتّاب والمفكرين في التاريخ ممن يعتبرون السفر جزءا أساسياً من مسيرة الحياة المُثلى.

لكن ما الذي يجعل التجول حول العالم بهذه الأهمية؟

لمعرفة الأسباب، توجّهنا إلى موقع كورا (Quora) للأسئلة والأجوبة على الإنترنت، وسألنا المستخدمين:
"لماذا ينصحني الناس بالسفر عندما أطلب منهم نصيحة حياتية؟".

في الرد على هذا السؤال:
كتب المشاركون على الموقع كيف أن الخبرة التي حصلوا عليها من أسفارهم قد ساهمت في صياغة حياتهم ونظرتهم إلى الأمور بشكل أفضل، وأوضحوا سبب نصيحتهم للآخرين بالسفر.

وفيما يلي بعض الأفكار التي أوردوها:

فهم أفضل لذاتك

****أحياناً يجبر السفر الناس على خوض تجارب غير عادية.
مرّت دوريا أورتيغا ميشيل، من المكسيك، بوضع كهذا في أول ليلة لها في الدانمارك؛ في قارة مختلفة تماماً، وفي بلد لم تكن تعرف التكلم بلغته.

فقدت دوريا أمتعتها في المطار، وضاع حجز الفندق، وكانت في حاجة إلى أن تذهب لتلحق بجولة في الحرمٍ الجامعي الجديد للتعرف عن قاعات الدراسة التي ستنتظم بها.
لكن تلك التجربة جعلتها أكثر بلوغاً، وأتاحت لها أن تلتقي بأناس جدد لتدرك أن "العالم ليس مخيفاً كما يصوّره البعض."



تقول دوريا: "واجهتُ تحديات لأقوم بأمورٍ لم أكن قطّ قادرة على إنجازها من قبل، أو لم أكن بحاجة أبداً لأن أقوم بها في البيت."
وتضيف: "تعلمت من أناسٍ عظام أنماطا مختلفة للعيش، وثقافات مختلفة، وتعلمت أمورا عن الإحسان، والحكمة، والشجاعة، والاحترام. وهي أمور لم أكن لأتعلمها لو لم أبتعد عن بيئتي المريحة وأقرر السفر بمفردي."

ويقول فرناندو أورتيغا، وهو طالب مبتعث للدراسة في مدينة البندقية، وهو يصف تجربته في السفر: "ستتعلم من أنت
وكم يمكنك السير دون أخذ قسط من الراحة
وكيف توفر في نفقاتك المالية
كما ستكتشف الأشياء التي يمكن أن تستثير اهتمامك حقاً"
وتعد مدينة البندقية من أكثر الأماكن المفضلة لدى أورتيغا، بالرغم مما سمعه من البعض من أنها "ذات رائحة كريهة بسبب المياه"، و أن "بها سياح كثيرون جدا"، وأن "الأسعار فيها مرتفعة جدا".
وبدلا من أن يصدق ما يقوله الناس، ذهب أورتيغا إلى هناك ووقع في غرام ذلك المكان التاريخي، حيث "وقعت الكثير من الأحداث".
أعاد المستخدم أندرو آنيا نفس وجهة النظر تقريبا حينما قال إن السفر "هو أفضل فرصة لديك لتلقي نظرة غير منحازة، وبدون تدخل من أحد، على العالم من حولك".
لكنه أوضح أن السفر ليس غاية في حد ذاته، ويضيف: "إذا لم تغيّرك التجربة التي مررت بها، فقد أضعتها، ولذا عليك وضع غاية لسفرك، حتى لا يصبح السفر لمجرد السفر فقط."

أفق أوسع

****وكما تشير عبارة مارك توين، يمكن للسفر أن يوسع أذهان الناس، ويتيح لهم رؤية الأمور من منظور جديد.




يقول سايمون هيغينز: "عندما تسافر، تواجه ثقافات بديلة لها أساليب مختلفة في إنجاز الأمور والتفكير والاعتقاد".
ويضيف: "إنها تتحدى ما تفترضه أنت، وتجعلك تغيّر من طريقة نظرك إلى الأمور. وعندما تعود إلى وطنك وبيتك، تعود ثانية إلى ثقافتك لكن بعينين مختلفتين، وبذهن أكثر تساؤلاً".
بالنسبة لهيغينز، فتحت رحلته إلى مومباي (بالهند) عينيه على كيفية اختلاف المعيشة عما هي عليه في بلدته بانبري، بانجلترا.
فمن الأحياء البائسة التي تجاور أحياء مدينة مومباي، إلى حالة الجنون الذي تعيشه المواصلات والرطوبة التي لا تصدق، شعر هيغينز أن هذه الأشياء غمرت مشاعره بما يكفي لكي تظل هذه المشاعر معه أبد الدهر.
بعد سنوات، لا زال يتذكر هذه التفاصيل بدقة – أكثر بكثير من تذكره لزيارة الموقع الأثري "تاج محل"، والذي وصفه بأنه "ليس إلا مجرد بناءً آخر"، وذلك مقارنة بتجربته التي فتحت عينيه على ثقافة أخرى.




يقول المستخدم "لورنس لو" إن السفر يتيح للناس أن يروا أبعد من دواخلهم واحتياجاتهم الآنية.
لعل رتابة الحياة اليومية تجعل البعض يتساءل بشأن عدم امتلاكه لمنزل فخم، أو سيارة "بي إم دبليو"، موضحاً أن المسافر يرى الأمور بشكل مختلف، لأانه يتأمل.
ويضيف لو "شاهدت للتوّ عائلة من ثمانِية أشخاص وقد تجمعوا قرب بعضهم ليتدفأوا داخل كوخٍ مبنيٍّ من القش .
استقبلني أفراد العائلة إلى الداخل، وسألوني عما إذا كنت أريد تناول شيء من الطعام. في كل مرة أحصل فيها على ماء نظيف، ينبغي عليّ أن أشكر الإله الذي في الأعالي".
والأكثر من ذلك، لا يحتاج الأمر إلى القيام برحلة خيالية لتحصل على أفق أوسع. فهو يوصي بأن "تقوم برحلة حقيقية واحدة على الأقل إلى مكان فقير، ومختلف، بدون إنترنت أو تليفزيون. فالسفر يجعلك تدرك كم هي صغيرة تلك النقطة الأحادية اللون التي تعيش عليها ضمن نسيج ضخم متعدد الألوان".

ذكرياتً تدوم طويلا

خلال معايشة نجاحات وإخفاقات السفر، تبدو الذكريات التي يولدها الناس في ذلك السبيل من الأمور التي يعتزون بها مدى الحياة.
يقول كريس فان دي فايفر، من مدينة أنتويرب في بلجيكا:
"أبلغ من العمر الآن 44 عاما، وتعد ذكريات أسفاري وتجاربها هي من بين أفضل الأشياء التي لدي. كلما سافرت لفترات أطول، وكلما مكثت وقضيت زمناً أطول في مكان ما خلال رحلاتك هذه، ستُحفظ تلك الذكريات بشكل أفضل في مخيلتك لفترة طويلة جداً. لا تفوّتوا تلك الفرصة".
تتفق ماوريت روخاس من مدينة مونتيرّي بالمكسيك مع هذا الرأي، وتقول: "يجعلك السفر تخوض مغامرات وتجارب مثيرة، وستضحك في كل مرة تمرّ تجول فيها تلك الذكريات ببالك".
.....