بحكم أننا نمر بفترة وباء من «كوفيد» ومتحوراته، فإن السؤال يصبح مشروعاً هل للأوبئة فائدة اقتصادية؟

وقبل الإجابة على هذا السؤال، فمن خلال معاصرتي عاصرت تفشي عدة أمراض، أهمها، الكوليرا، عافاكم الله، ثم الإيدز، والهربز، وسمعت عن تفشي وباء الجدري في المنطقة العربية.


نعود لإجابة السؤال هل للأوبئة فائدة اقتصادية؟ الجواب ببساطة نعم ولها مضار اقتصادية أيضاً، فمن الفوائد الاقتصادية أنها تنشط مراكز البحث العلمية لمحاولة إيجاد لقاح، وبعد إيجاد اللقاح تنشط مراكز البحث في إيجاد العلاج، وبعد اكتشاف اللقاح والعلاج تنشط مراكز التصنيع وتتحرك لإنتاج العلب، ومراكز الطباعة تتحرك لطباعة تعليمات العلاج أو تعليمات اللقاح لوضعها على العلب، ثم تنشط سلاسل الإمداد في توصيل اللقاح أو العلاج لمراكز التوزيع، ثم تنشط مراكز التوزيع ببيع اللقاح أو العلاج للمستهلك النهائي، ناهيك عن مراكز التخزين وتشغيل المراكز الصحية لضمان وصول المنتج للمستهلك النهائي.


بعد هذا تنشط صناعات مكملة لهذا العلاج، ففي حالة «كوفيد» تنشط صناعات الكمامات والقفازات وصناعة المعقمات لتدور عجلة إنتاج تحتاجها المجتمعات. في الجانب السلبي تتعطل سلاسل الإمدادات في السلع الأخرى، وتضرب السياحة في مقتل، سواء الفندقة أو شركات الطيران أو شركات تموين هذه الشركات.


هذا من جانب، أما من جانب آخر، فإن وباء «كوفيد» خلق أجواء عمل مختلفة لها منافع اقتصادية جمة، فقد جعل العمل من المنزل ممكناً، بل وعجل به مع تطور التقنية، ولهذا فوائد اقتصادية متعددة على الاقتصاد والمجتمع، فستصبح مقرات الشركات أصغر مما يقلل تكاليف التشغيل، ويقلل رحلات المواصلات من البيت إلى العمل وبالعكس، وقد يسود ذلك حتى بعد زوال الوباء.


وهذه الأيام أُقيم في بريطانيا، وتعرض أحد أفراد أسرتي لإصابة في الركبة، فهاتفنا المستشفى الذي استفسر هاتفياً منا عن نوع الإصابة، ووجهنا المختص إلى الذهاب للمستشفى لأخذ إشاعة لركبة المصاب، وبعد أن أتممنا المطلوب، سألنا المختص متى نزور الطبيب؟ لمعرفة ما يجب عمله بعد ذلك، فأجاب لا داعي لذلك، وسيهاتفكم الطبيب المختص ويخبركم عما يجب عمله، وهم بهذا وفروا علينا الوقت والمال، وسبق وأن مررت بتجربة مماثلة في السعودية، تحديداً في مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض. فهل سيصبح ذلك إجراءً عالمياً بعد زوال الوباء؟ أم أن ذلك حالة خاصة فرضها الوباء؟ ثم نعود لبيروقراطيتنا المعهودة.


ما أرجوه أن نستفيد مما وصلنا إليه من تسهيل في الإجراءات أثناء الوباء، ليصبح ذلك نمطاً عملياً دائماً يوفر علينا الوقت والمال ويعود على الاقتصاد بالمنفعة. ودمتم.