مرحباً بكم في منتدى المضارب للأسهم السعودية والإستثمار / يتابع بالمنتدى سهم دار الأركان من رئيس قسم التحليل الفني الأستاذ Assalimi / وسهم دانة غاز من المفكر والمتابع الراقي واحد يفكر مع مجموعة مميزة ويمتلك المنتدى نخبة عالية من المحللين بجميع مدارس علم التحليل ونرحب بجميع الأقلام المميزة فمرحباً بكم مجدداً بمنتدى المضارب

 

  • مواضيع ننصح بمشاهدتها
  • <-> اعضائنا الكرام ( الأعضاء ) <->
    النتائج 1 إلى 9 من 9

    الموضوع: شهادة أسير صيني في زمن الدولة العباسية

    1. #1
      مؤسس للمنتدى وإداري
      محـ اليتامى ـب
      التقييم: 113361

      الحالة
      غير متصل
      رقم العضوية
      5082
      تاريخ التسجيل
      Apr 2020
      المشاركات
      79,594

        لشكر ولدالقصيم

      افتراضي شهادة أسير صيني في زمن الدولة العباسية



      معركة طلاس:

      لقد كان المسلمون يتطلَّعون لفتح الصين، ولكنَّهم وصلوا فقط إلى حدودها وخاضوا معركةً واحدة هي معركة طلاس
      (أو معركة تلاس)، وعلى الرغم من انتصارهم فيها فقد قرَّروا العودة.

      وتكمن أهميَّة معركة طلاس في أنَّها كانت علامةُ النهاية لحركة الفتوح الإسلاميَّة الكبرى في الشرق،
      فلم يحدث بعدها قط أن توغَّلت جيوش المسلمين إلى شرق فرغانة أو شمال شرق بلاد الشاش،
      كما لم يحدث بعدها قط أن دخلت الجيوش الإسلاميَّة على طريق الحرير الشهير
      عبر صحراء جوبي إلى سينكيانج داخل الأراضي الصينيَّة، ومن ناحيةٍ أخرى كانت تلك المرَّة الأخيرة التي وصلت فيها الجيوش الصينيَّة إلى هذه المسافة البعيدة شرقًا، لقد كانت معركة طلاس في الشرق شبيهة بمعركة تور- بواتييه (بلاط الشهداء) التي جرت على أرض فرنسا في الغرب سنة (732م=114هـ)، التي هزم فيها "شارل مارتل" جيوش المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقي.
      وعلى الرغم من أنَّ معركة طلاس كانت انتصارًا للمسلمين، على حين كانت معركة تور- بواتييه هزيمةً لهم، فإنَّهما تشابهتا في أمرين أساسين: أوَّلهما،
      أنَّ المصادر العربيَّة لم تتحدَّث عن كلٍّ منهما إلَّا قليلًا، وثانيهما،
      أنَّ كلًّا من المعركتين كانت علامةً على نهاية الدور النشيط في حركة الفتوح الإسلاميَّة شرقًا وغربًا.

      شهادة الأسير الصيني:

      وممَّا يدعو للأسف أنَّنا لا نملك المصادر التاريخيَّة التي تُساعدنا على استجلاء الحقيقة التاريخيَّة في الروايات،
      التي تداولها التراث العربي عن الأسرى الصينيِّين الذين أسرهم المسلمون في معركة طلاس سنة 751م،
      ولكن ما نعرفه على وجه اليقين أنَّ أحد أولئك الأسرى الذين نُقِلوا إلى العراق بعد المعركة بقي هناك على مدى إحدى عشرة سنة، وكتب تقريرًا عن الحياة في العراق، بعد أن تم إطلاق سراحه، وسُمح له بالعودة إلى بلاده سنة (762م=145هـ).

      وما كتبه هذا الأسير الصيني يلقي أضواء كاشفة على الحياة في المجتمع الإسلامي بالعراق في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي)، كما يُعبِّر عن رؤية أحد المنتمين لثقافة مغايرة تمامًا للدين والعادات والتقاليد في مجتمع مسلم، هذا الأسير الصيني كان اسمه "تو هوان"، وربَّما يكون مفيدًا أن نُقدِّم نصَّ روايته كاملة:
      «
      ... العاصمة اسمها الكوفة، والملك العربي اسمه مومين (وهو تحريف للقب أمير المؤمنين)، ويتحلَّى جميع الرجال والنساء بحسن الطلعة وطول القامة، كما أن ملابسهم لامعة نظيفة، وسلوكهم مهذَّب، وعندما تخرج المرأة إلى العلن عليها أن تُغطِّي وجهها مهما كانت مكانتها الاجتماعيَّة سواء كانت تنتمي إلى الطبقة الراقية أو كانت من بنات الطبقات المتواضعة، وهم يُقيمون الصلاة خمس مرَّات يوميًّا، ويأكلون اللحم، ويصومون، ويعتبرون ذبح البهائم أمرًا صحيحًا، ويلبس الرجال حول أوساطهم أحزمة يُعلِّقون بها خناجر من الفِضَّة، ويُحرِّمون شُرب الخمر ويمنعون الموسيقى.

      وعندما يتشاجر الناس فيما بينهم لايضربون بعضهم بعضًا، وهناك قاعة احتفالات (يقصد المسجد الجامع) تتسع لعشرات الآلاف من الناس، وكل سبعة أيَّام يخرج الملك للصلاة (صلاة الجمعة)،
      ويرتقي منبرًا عاليًا ليلقي على مسامع الجمع الحاشد خطبةً يتناول فيها ما يتَّصل بالشريعة،
      فيقول: "إنَّ الحياة الإنسانيَّة صعبةٌ للغاية، وطريق الاستقامة ليس سهلًا، والزِّنا خطيئة، وليس هناك ذنبٌ أكبر من السَّرقة، أو النهب، أو غشِّ الناس، حتى وإن كان في أتفه صورة، ولاذنب أفدح من أن يضمن المرء لنفسه الأمان بأن يجلب على غيره المخاطر، وليس بعد خداع الفقير وقهر المسكين ذنب، وكلُّ الذين قُتِلُوا في المعارك ضدَّ الإسلام سوف يدخلون الجنَّة، فاقتلوا عدوَّكم وسوف تنالون السعادة التي تفوق الوصف".
      "لقد تغيَّرت الأرض عن بكرة أبيها، والناس يتبعون الدين الإسلامي مثلما يتبع نهر مجراه، ويجري تطبيق القانون بالحسنى،
      أمَّا دفن الموتى فيتمُّ بأسلوبٍ بسيطٍ دونما إسراف، وسواءٌ كان الناس يعيشون داخل أسوار مدينة كبيرة
      أو في رحاب قرية، فإنَّهم لا يحتاجون إلى شيءٍ ممَّا تُنتجه الأرض؛ إذ إنَّ بلادهم محور العالم، حيث البضائع وافرة ورخيصة، وحيث أقمشة القصب المطرَّزة الفاخرة، واللآلئ والنقود تملأ الحوانيت، على حين تمتلئ الشوارع والأزقَّة بالجمال والخيول والحمير والبغال، وهم يقطعون الأقصاب لبناء الأكواخ التي تُشبه الأكواخ الصينيَّة، وعندما يحتفلون بأحد الأعياد يجلب الأعيان عددًا لا يُحصى من أواني الزجاج والأواني النحاسيَّة.

      ولا يختلف الأرز الأبيض والدقيق الأبيض هنا عنهما في الصين،
      ومن بين الفواكه عندهم الخوخ والتمور التي هي من زرع النخيل الذي يحملها منذ ألف سنة، واللفت عندهم كبير الحجم، مستدير وطعمه شهيٌّ جدًّا، ولكن الخضراوات الأخرى لديهم تُشبه الخضراوات في البلاد الأخرى، وحبَّات ال ع نب عندهم كبيرة في حجم بيض الدَّجاج، وأكثر الزيوت قيمة بالنسبة إليهم نوعان؛ أحدهما اسمه الياسمين، والثاني يُسمَّى المرُّ، وقد عمل الصنَّاع الصينيُّون الأنوال الأولى لنسج خيوط الحرير،
      كما كانوا أوَّل من عمل في صياغة الذهب والفضَّة، وكانوا أوائل الرَّسَّامين
      ».

      مجتمع ناضج ومتحضر:


      هذا النصُّ المدهش والنادر الذي كتبه الأسير الصيني "تو هوان" (في منتصف القرن الثامن الميلادي) يكشف عن مجتمعٍ مسلمٍ ناضجٍ في العراق آنذاك، وهو ما يتوافق مع الصورة التي نعرفها من المصادر التاريخيَّة الأخرى،
      والصورة التي رسمها قلم هذا الصيني النابه ترجع إلى السنوات الباكرة في عمر الخلافة العباسيَّة، وقبل بناء بغداد مباشرة.
      ومن المعلوم أنَّ بناء بغداد بدأ سنة (762م=145هـ)؛ أي في السنة نفسها التي سُمح فيها للأسير الصيني بالعودة لبلاده، ومن المؤكَّد أنَّه لم يكن الأسير الوحيد الذي أسره المسلمون في معركة طلاس؛ فهو يُشير إلى صنَّاعٍ صينيِّين آخرين عملوا في العراق، ولا نعرف هل عادوا كلُّهم، أم بقي بعضهم في العراق، فلم يكتب أيٌّ منهم عن تجربته مثلما فعل "تو–هوان"، كما أنَّ إشارته إلى صلاة الجمعة تتَّسق مع ما نعرفه من المصادر العربيَّة، عن أنَّ الخليفة المنصور العباسي كان مشهورًا بخطبه البليغة التي كان يُلقيها في صلاة الجمعة بالمساجد، ومن المثير أن نرى هذا الصيني يهتمُّ بما كان يَرِدُ في خطب الخليفة عن إدانة الغشِّ والكذب والقهر والظلم من ناحية، والحثِّ على الجهاد وثواب الجنَّة للشهداء من ناحيةٍ أخرى.إنَّ الصورة التي رسمتها رواية الأسير الصيني الموجزة تكشف عن صورة مجتمع مسلم تطهُّري؛ حيث ترتدي النساء فيه الحجاب، وتُحرَّم الخمور، وتُمنع الموسيقى (في العلن على الأقل) بشكلٍ واضح، ومن ناحيةٍ أخرى، فالصورة صورة مجتمع رفاهية تنعم بازدهاره جميع الطبقات الاجتماعيَّة سواء في المدينة
      أو في الريف، وكانت الكوفة -بطبيعة الحال- مدينة إسلاميَّة جديدة، ومِنْ ثَمَّ كان المتوقَّع أن يكون فيها التزامٌ شديدٌ بالنِّظام الأخلاقي الإسلامي.
      ولكن أهمُّ ما يلفت النظر فيما كتبه "تو–هوان" ذلك التوازن الذي يخلو من العداء،
      كما لا تشوبه "الغرائبيَّة" التي تشوب مثل هذه الكتابات عادةً،
      ومن ناحيةٍ أخرى فهو يُشير إلى تأثير الصُّنَّاع الصينيِّين على بعض الصناعات في العراق.

      يارب لك أرفع أكف الضراعة وإيمانى بك يملأ قلبى بكل القناعةيارب ياعظيم
      ياصاحب العرش الكريم يارحمن الدنيا والآخرة ورحيمهمايامن لايعجزه شيء في السماء ولافي الأرض ياقوي ياقادرأسألك أن تغفرلأمي وأبي وترحمهما وتوسع لهما في قبريهما وتنورلهما فيه يارب




    2. #2
      إبداع فني راقي
      التقييم: 1860

      الحالة
      غير متصل
      رقم العضوية
      1602
      تاريخ التسجيل
      Nov 2017
      المشاركات
      1,833

        لشكر المضارب الصغير

      افتراضي رد: شهادة أسير صيني في زمن الدولة العباسية

      موضوع جميل و رائع
      و أيضاً استفاد المسلمون من الأسرى الصينين صناعة الورق و أقاموا لها المصانع و نقلوها لأوربا
      خلاص من حبكم يا زين عزلنا

      تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

    3. #3
      عضو فعال
      التقييم: 1633

      الحالة
      متصل
      رقم العضوية
      14598
      تاريخ التسجيل
      Mar 2021
      المشاركات
      692

        لشكر شيهانه

      افتراضي رد: شهادة أسير صيني في زمن الدولة العباسية

      جزاك الله خير.
      اللافت في الموضوع. انه قال ان النساء يغطين وجوههن
      فاين الذين يقولون ان فيه خلاف

    4. #4
      عضو وسام ذهبي
      ★★★★
      التقييم: 29158

      الحالة
      متصل
      رقم العضوية
      5260
      تاريخ التسجيل
      May 2020
      المشاركات
      9,419

        لشكر محمد حسن

      افتراضي رد: شهادة أسير صيني في زمن الدولة العباسية

      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ولدالقصيم مشاهدة المشاركة


      معركة طلاس:

      لقد كان المسلمون يتطلَّعون لفتح الصين، ولكنَّهم وصلوا فقط إلى حدودها وخاضوا معركةً واحدة هي معركة طلاس
      (أو معركة تلاس)، وعلى الرغم من انتصارهم فيها فقد قرَّروا العودة.

      وتكمن أهميَّة معركة طلاس في أنَّها كانت علامةُ النهاية لحركة الفتوح الإسلاميَّة الكبرى في الشرق،
      فلم يحدث بعدها قط أن توغَّلت جيوش المسلمين إلى شرق فرغانة أو شمال شرق بلاد الشاش،
      كما لم يحدث بعدها قط أن دخلت الجيوش الإسلاميَّة على طريق الحرير الشهير
      عبر صحراء جوبي إلى سينكيانج داخل الأراضي الصينيَّة، ومن ناحيةٍ أخرى كانت تلك المرَّة الأخيرة التي وصلت فيها الجيوش الصينيَّة إلى هذه المسافة البعيدة شرقًا، لقد كانت معركة طلاس في الشرق شبيهة بمعركة تور- بواتييه (بلاط الشهداء) التي جرت على أرض فرنسا في الغرب سنة (732م=114هـ)، التي هزم فيها "شارل مارتل" جيوش المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقي.
      وعلى الرغم من أنَّ معركة طلاس كانت انتصارًا للمسلمين، على حين كانت معركة تور- بواتييه هزيمةً لهم، فإنَّهما تشابهتا في أمرين أساسين: أوَّلهما،
      أنَّ المصادر العربيَّة لم تتحدَّث عن كلٍّ منهما إلَّا قليلًا، وثانيهما،
      أنَّ كلًّا من المعركتين كانت علامةً على نهاية الدور النشيط في حركة الفتوح الإسلاميَّة شرقًا وغربًا.

      شهادة الأسير الصيني:

      وممَّا يدعو للأسف أنَّنا لا نملك المصادر التاريخيَّة التي تُساعدنا على استجلاء الحقيقة التاريخيَّة في الروايات،
      التي تداولها التراث العربي عن الأسرى الصينيِّين الذين أسرهم المسلمون في معركة طلاس سنة 751م،
      ولكن ما نعرفه على وجه اليقين أنَّ أحد أولئك الأسرى الذين نُقِلوا إلى العراق بعد المعركة بقي هناك على مدى إحدى عشرة سنة، وكتب تقريرًا عن الحياة في العراق، بعد أن تم إطلاق سراحه، وسُمح له بالعودة إلى بلاده سنة (762م=145هـ).

      وما كتبه هذا الأسير الصيني يلقي أضواء كاشفة على الحياة في المجتمع الإسلامي بالعراق في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي)، كما يُعبِّر عن رؤية أحد المنتمين لثقافة مغايرة تمامًا للدين والعادات والتقاليد في مجتمع مسلم، هذا الأسير الصيني كان اسمه "تو هوان"، وربَّما يكون مفيدًا أن نُقدِّم نصَّ روايته كاملة:
      «
      ... العاصمة اسمها الكوفة، والملك العربي اسمه مومين (وهو تحريف للقب أمير المؤمنين)، ويتحلَّى جميع الرجال والنساء بحسن الطلعة وطول القامة، كما أن ملابسهم لامعة نظيفة، وسلوكهم مهذَّب، وعندما تخرج المرأة إلى العلن عليها أن تُغطِّي وجهها مهما كانت مكانتها الاجتماعيَّة سواء كانت تنتمي إلى الطبقة الراقية أو كانت من بنات الطبقات المتواضعة، وهم يُقيمون الصلاة خمس مرَّات يوميًّا، ويأكلون اللحم، ويصومون، ويعتبرون ذبح البهائم أمرًا صحيحًا، ويلبس الرجال حول أوساطهم أحزمة يُعلِّقون بها خناجر من الفِضَّة، ويُحرِّمون شُرب الخمر ويمنعون الموسيقى.

      وعندما يتشاجر الناس فيما بينهم لايضربون بعضهم بعضًا، وهناك قاعة احتفالات (يقصد المسجد الجامع) تتسع لعشرات الآلاف من الناس، وكل سبعة أيَّام يخرج الملك للصلاة (صلاة الجمعة)،
      ويرتقي منبرًا عاليًا ليلقي على مسامع الجمع الحاشد خطبةً يتناول فيها ما يتَّصل بالشريعة،
      فيقول: "إنَّ الحياة الإنسانيَّة صعبةٌ للغاية، وطريق الاستقامة ليس سهلًا، والزِّنا خطيئة، وليس هناك ذنبٌ أكبر من السَّرقة، أو النهب، أو غشِّ الناس، حتى وإن كان في أتفه صورة، ولاذنب أفدح من أن يضمن المرء لنفسه الأمان بأن يجلب على غيره المخاطر، وليس بعد خداع الفقير وقهر المسكين ذنب، وكلُّ الذين قُتِلُوا في المعارك ضدَّ الإسلام سوف يدخلون الجنَّة، فاقتلوا عدوَّكم وسوف تنالون السعادة التي تفوق الوصف".
      "لقد تغيَّرت الأرض عن بكرة أبيها، والناس يتبعون الدين الإسلامي مثلما يتبع نهر مجراه، ويجري تطبيق القانون بالحسنى،
      أمَّا دفن الموتى فيتمُّ بأسلوبٍ بسيطٍ دونما إسراف، وسواءٌ كان الناس يعيشون داخل أسوار مدينة كبيرة
      أو في رحاب قرية، فإنَّهم لا يحتاجون إلى شيءٍ ممَّا تُنتجه الأرض؛ إذ إنَّ بلادهم محور العالم، حيث البضائع وافرة ورخيصة، وحيث أقمشة القصب المطرَّزة الفاخرة، واللآلئ والنقود تملأ الحوانيت، على حين تمتلئ الشوارع والأزقَّة بالجمال والخيول والحمير والبغال، وهم يقطعون الأقصاب لبناء الأكواخ التي تُشبه الأكواخ الصينيَّة، وعندما يحتفلون بأحد الأعياد يجلب الأعيان عددًا لا يُحصى من أواني الزجاج والأواني النحاسيَّة.

      ولا يختلف الأرز الأبيض والدقيق الأبيض هنا عنهما في الصين،
      ومن بين الفواكه عندهم الخوخ والتمور التي هي من زرع النخيل الذي يحملها منذ ألف سنة، واللفت عندهم كبير الحجم، مستدير وطعمه شهيٌّ جدًّا، ولكن الخضراوات الأخرى لديهم تُشبه الخضراوات في البلاد الأخرى، وحبَّات ال ع نب عندهم كبيرة في حجم بيض الدَّجاج، وأكثر الزيوت قيمة بالنسبة إليهم نوعان؛ أحدهما اسمه الياسمين، والثاني يُسمَّى المرُّ، وقد عمل الصنَّاع الصينيُّون الأنوال الأولى لنسج خيوط الحرير،
      كما كانوا أوَّل من عمل في صياغة الذهب والفضَّة، وكانوا أوائل الرَّسَّامين
      ».

      مجتمع ناضج ومتحضر:


      هذا النصُّ المدهش والنادر الذي كتبه الأسير الصيني "تو هوان" (في منتصف القرن الثامن الميلادي) يكشف عن مجتمعٍ مسلمٍ ناضجٍ في العراق آنذاك، وهو ما يتوافق مع الصورة التي نعرفها من المصادر التاريخيَّة الأخرى،
      والصورة التي رسمها قلم هذا الصيني النابه ترجع إلى السنوات الباكرة في عمر الخلافة العباسيَّة، وقبل بناء بغداد مباشرة.
      ومن المعلوم أنَّ بناء بغداد بدأ سنة (762م=145هـ)؛ أي في السنة نفسها التي سُمح فيها للأسير الصيني بالعودة لبلاده، ومن المؤكَّد أنَّه لم يكن الأسير الوحيد الذي أسره المسلمون في معركة طلاس؛ فهو يُشير إلى صنَّاعٍ صينيِّين آخرين عملوا في العراق، ولا نعرف هل عادوا كلُّهم، أم بقي بعضهم في العراق، فلم يكتب أيٌّ منهم عن تجربته مثلما فعل "تو–هوان"، كما أنَّ إشارته إلى صلاة الجمعة تتَّسق مع ما نعرفه من المصادر العربيَّة، عن أنَّ الخليفة المنصور العباسي كان مشهورًا بخطبه البليغة التي كان يُلقيها في صلاة الجمعة بالمساجد، ومن المثير أن نرى هذا الصيني يهتمُّ بما كان يَرِدُ في خطب الخليفة عن إدانة الغشِّ والكذب والقهر والظلم من ناحية، والحثِّ على الجهاد وثواب الجنَّة للشهداء من ناحيةٍ أخرى.إنَّ الصورة التي رسمتها رواية الأسير الصيني الموجزة تكشف عن صورة مجتمع مسلم تطهُّري؛ حيث ترتدي النساء فيه الحجاب، وتُحرَّم الخمور، وتُمنع الموسيقى (في العلن على الأقل) بشكلٍ واضح، ومن ناحيةٍ أخرى، فالصورة صورة مجتمع رفاهية تنعم بازدهاره جميع الطبقات الاجتماعيَّة سواء في المدينة
      أو في الريف، وكانت الكوفة -بطبيعة الحال- مدينة إسلاميَّة جديدة، ومِنْ ثَمَّ كان المتوقَّع أن يكون فيها التزامٌ شديدٌ بالنِّظام الأخلاقي الإسلامي.
      ولكن أهمُّ ما يلفت النظر فيما كتبه "تو–هوان" ذلك التوازن الذي يخلو من العداء،
      كما لا تشوبه "الغرائبيَّة" التي تشوب مثل هذه الكتابات عادةً،
      ومن ناحيةٍ أخرى فهو يُشير إلى تأثير الصُّنَّاع الصينيِّين على بعض الصناعات في العراق.

      موضوع رائع يستحق القراءة وتستحق أبا عبد العزيز الشكر والتقدير .... نحن بحاجة لمثل هذا الموضوع وشهادة هذا الأسير الصيني ملفته ونقله للحياة في الكوفة في ذلك الزمن مثير للأعجاب ...

    5. #5
      https://www.raed.net/img?id=456231
      الصورة الرمزية abu rakan
      المراقب العام
      التقييم: 7344

      الحالة
      متصل
      رقم العضوية
      1139
      تاريخ التسجيل
      Jul 2017
      المشاركات
      13,525

        لشكر abu rakan

      افتراضي رد: شهادة أسير صيني في زمن الدولة العباسية

      كتب الله اجرك ابا عبد العزيز

      هذا الأسير الصيني كتب رواية نقلها اكيد للصين فندوها الصينين واكيد علماء الدول المعادية للاسلام وغيرة من الكثير ... صحيح ..



      السؤال //

      هل ماكتبة عن طبيعة الحياة على ارض المسلمين بوقتنا الحالي مطبق 100 بالمية ....50 بالمية .....30 بالمية .....10بالمية

      ماهي النسبة التي وصل اليها المسلمين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
      استغفر الله واتوب اليه

      ----------------------------------------------------------
      قرار البيع والشــــــــراء هو من قرار المتلقي وأن الطرح نقاش ودراسة وليس توصــــــية

      .................................................. ...................................

      لآ نسلم عقولنا لمن يريد حفر قبورنا

    6. #6
      الصورة الرمزية أبورياض
      مؤسس للمنتدى
      مشرف المتابعة اليومية
      *****
      التقييم: 180144

      الحالة
      متصل
      رقم العضوية
      73
      تاريخ التسجيل
      Feb 2017
      المشاركات
      51,459

        لشكر أبورياض

      افتراضي رد: شهادة أسير صيني في زمن الدولة العباسية

      جزاك الله خير
      سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته

      كل مايكتب من باب التدريب والتعلم

    7. #7
      الصورة الرمزية جريح الصمت
      محلل فني قدير
      التقييم: 9150

      الحالة
      متصل
      رقم العضوية
      14013
      تاريخ التسجيل
      Mar 2021
      المشاركات
      3,629

        لشكر جريح الصمت

      افتراضي رد: شهادة أسير صيني في زمن الدولة العباسية

      جزاك الله خيرا
      على نقل شهادة أعداء المسلمين للمسلمين
      الله يثبت المسلمين على أسلامهم ويزيدهم إيمانا وتعلق به

    8. #8
      عضو وسام ذهبي
      ★★★★
      التقييم: 12986

      الحالة
      متصل
      رقم العضوية
      5687
      تاريخ التسجيل
      Jul 2020
      المشاركات
      4,867

        لشكر ابوطيف

      افتراضي رد: شهادة أسير صيني في زمن الدولة العباسية

      جزاك الله خير ابا عبدالعزير موضوع رائع وجميل اللهم ثبتنا على دينك إلى يوم نلقاك ورد المسلمين إليك رداً جميلاً

    9. #9
      عضو فعال ومميز
      ★★
      التقييم: 1112

      الحالة
      متصل
      رقم العضوية
      5280
      تاريخ التسجيل
      May 2020
      المشاركات
      1,445

        لشكر استثمار

      افتراضي رد: شهادة أسير صيني في زمن الدولة العباسية

      الله يجزاك خير علي نقل الموضوع الشيق …..صوره من حياة المسلمين في الماضي ….اه بالعراق دمرو العراق باتباع ايران
      اللهم أني اسئلك الرزق الحلال

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. زحف صيني لا يتوقف .. أكبر شركات الجوالات الذكية في العالم من حيث المبيعات
      بواسطة طالع نسبه في المنتدى منتديات المضارب للأسهم السعودية العامة
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 24-10-2021, 10:08 AM
    2. زلزال يضرب هذه الدولة العربية
      بواسطة تيجي نتعلم في المنتدى منتــدى الإعلانات العــامــة للشـركات والأفــراد
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 21-12-2020, 01:11 PM
    3. سجود التلاوه..
      بواسطة الراصد الآلي في المنتدى مـنتــدى الـساحـات والمنــبر الـحـــر
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 13-04-2017, 08:10 PM
    4. تعلم التعامل مع الأشخاص المزعجين و سيئي الطباع.
      بواسطة الراصد الآلي في المنتدى منتديات المضارب للأسهم السعودية العامة
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 17-03-2017, 05:48 PM

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    RSS RSS 2.0 XML MAP HTML