المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : .وقفة تأمل مع العام الهجري الجديد



ولدالقصيم
10-08-2021, 10:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفة تأمل مع العام الهجري الجديدكانت الهجرة في الثاني عشر من ربيع الأول – على أرجح الأقوال – ولكن الصحابة – رضي الله عنهم – ابتدؤوا العام بالمحرَّم؛ لأنه هو بداية السنة القمرية عندهم؛ ففي السنة السادسة عشرة من الهجرة اختار الخليفة العبقري الفذُّ عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الهجرة ليؤرِّخ المسلمون بها تاريخَهم..
هذا؛ وقد طُرِحَت أمامه – رضي الله عنه – اقتراحاتٌ متعدِّدة:


منها أن يؤرِّخوا بتاريخ الفرس.
ومنها أن يؤرِّخوا بتاريخ الرومان

ومنها أن يؤرِّخوا من مولد الرسول – صلى الله عليه وسلم.
ومنها أن يؤرِّخوا من مبعثه – صلى الله عليه وسلم.
ومنها أن يؤرِّخوا من وفاته – صلى الله عليه وسلم.

ولكنه استحسن أن يؤرِّخ المسلمون من هجرته – صلى الله عليه وسلم – لعِظَم شأن الهجرة، ووافقه الصحابة – رضي الله عنهم – وارتبط حادث الهجرة بشخصيتنا، وفي نهاية كل عام وبدايته نذكر الهجرة.
والتأريخ من أهم أبرز معالم ومقومات الهوية الذاتية للأمم، وقد ظلت أمتنا محافظة على هذا المَعْلم الحضاري (الاعتماد على التأريخ الهجري) حتى أواخر القرن التاسع عشر تقريبا، ومنذ عهد الخديوي إسماعيل باشا وتحديدا عام 1882م بدأنا نبتعد شيئا فشيئا عن الاعتماد على التأريخ الهجري في تحديد مهماتنا وأوقاتنا على المستوى الشعبي والرسمي، وتجدر الإشارة إلى أن مصر كانت تعتمد قبل هذا التوقيت على التأريخ الهجري والقبطي.
إضافة إلى أن ذكرياتِنا وأمجادَنا كلَّها مسجَّلة بالتقويم الهجري، وإن كثيرًا من أحكام ديننا مرتبطٌ بالتقويم القمري، الذي هو الأساس في التاريخ – كالصيام والحج – مما يوجب على أساطين الثقافة وأئمة الفكر في مجتمعاتنا التنبيه إلى ضرورة الاعتزاز به والمحافظة عليه؛ لأنه يدل على الأصالة، ويُعِينُ على التميز.. على حد ما نقله الإمام السخاوي عن العماد الأصبهاني من قوله:

“فليست أمةٌ أو دولة إلا ولها تاريخٌ يرجعون إليه، ويعولون عليه، ينقله خَلَفُها عن سَلَفِها، وحاضرُها عن غابرِها، ولولا ذلك لانقطع الوصل، وجهلت الدول… وإن التاريخ بالهجرة نسخ كل تاريخ متقدِّم”.
وها نحن أولاء نودِّع عامًا هجريًّا قد مضى، ونستقبل عامًا هجريًّا جديدًا، لقد مضت سَنَةٌ من عمرِ كلِّ واحد منا، ودنَونا من آجالنا التي كتبها الله لنا، أفلا يَجدُر بنا أن نقف وقفةَ تأملٍ، نحاسب فيها أنفسنا ونراجع رصيدنا كما نفعل في كافة الأمور.. الاقتصادية والمعيشية والعلاقات الاجتماعية؟!.
إننا في بداية العام الهجري الجديد 1441 نستلهم الدروس المضيئة من حادث الهجرة المباركة.. فقد كانت الهجرة بداية لعهد جديد هو عهد البناء وعهد العطاء وعهد الإشعاع برسالة الإسلام وتجسيد حقائقه في الواقع المعيش، والهجرة اليوم هي هَجْرٌ لما يغضب الله ويهدم الأديان ويخرب الأوطان، وذلك هو ما ينبغي التذكير به والإلحاح عليه في بداية كل عام هجري.
إن من فضل الله علينا أن أمهلنا لعام آخر، وأملى لنا كي نرجع إليه، فنحن نودع اليوم عامًا، ونستقبل آخر، نودع عامًا بحسناته وسيئاته، بتقصيرنا وتفريطنا، بخيرنا وشرنا، ونستقبل عامًا ينادينا.. يا ابن آدم، أنا عام جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
إن التاجر الناصح هو الذي يُعِدُّ دراسة شاملة في بداية صفقته، ويعد كشف حساب في نهايتها؛ ليرى أين مواطن قوته وربحه، وأين مواطن ضعفه وخسارته، هذا في أمر الدنيا.. أما في أمر الآخرة فإننا نحتاج إلى محاسبة للنفس قبل الحساب..
ولا يخفى عليك أيها القارئ الكريم أن مما يحاسب عليه الإنسان يوم القيامة سؤاله عن أربع، كما روى الترمذي (https://islamstory.com/ar/artical/21829/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9%84% D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%B0%D9%8A) أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه”.
وإنَّ أوَّل ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، كما روى أبو داود (https://islamstory.com/ar/artical/21831/%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%AF%D8%A7%D9%88%D8%AF_%D8%A7 %D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AF%D8%AB) في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ الصَّلَاة، يَقُولُ رَبُّنَا لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي، أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا؟ فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّة، وَإِنْ كَانَ انْتُقِصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعْ؟ء فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّع، قال: أَتِمُّوا لِعَبْدِيِ فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ. ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالَ عَلَى ذَلِكَ”.
وتشهد الجوارح والجلود على صاحبها وهي تعلن قائلة: {أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت: 21].
فمن أراد أن ينجو من هذا الخزي والسؤال يوم القيامة، فليحاسب نفسه في الدنيا قبل حسابها في الآخرة، ذلك ما ذكرنا به الله -سبحانه وتعالى- عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18].
وها هو ذا الفاروق (https://islamstory.com/ar/cat/723/%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9%20%D8%B9%D9%85%D8%B1%20%D 8%A8%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8) -رضي الله عنه- يفهم هذه الآية فهمًا دقيقًا ويقول لرعيته: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر).
يقول عامر بن عبد الله رضي الله عنه: (رأيت نفرًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتهم، فحدثونا أن أحسن الناس إيمانًا يوم القيامة أكثرهم محاسبة لنفسه).
وهذا الحسن البصري (https://islamstory.com/ar/artical/21798/%D8%B3%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%A8% D8%B9%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%86_% D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B5%D8%B1%D9%8A): يبكي في الليل حتى يُبكي جيرانَه، فيأتي أحدهم إليه في الغداة يقول له: لقد أبكيت الليلة أهلنا. فيقول له: (إني قلتُ: يا حسن، لعلَّ الله نظر إلى بعض هنَّاتك فقال: اعمل ما شئت فلست أقبل منك شيئًا)!.
إننا عزيزي القارئ في شهر المحرم، وهو من أفضل الشهور.. فعن أبي ذر الغفاري (https://islamstory.com/ar/artical/33987/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%A8%D9%8A_%D8%A3% D8%A8%D9%88_%D8%B0%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%81% D8%A7%D8%B1%D9%8A) -رضي الله عنه- قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الليل خير؟ وأي الأشهر أفضل؟ فقال: “خير الليل جوفه، وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم (https://islamstory.com/ar/artical/1867/%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%88%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D9%85%D8%AD%D8%B1%D9%85)“.
ومن فضله رغَّب النبي في صيامه، فقال: “أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم”.
– وعن قتادة: أن الفجر الذي أقسم الله به في أول سورة الفجر، هو فجر أول يوم من المحرم تنفجر منه السنة.
– ولما كانت الأشهر الحرم (https://islamstory.com/ar/cat/%20143/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B4%D9%87%D8%B1%20%D8%A7%D9%8 4%D8%AD%D8%B1%D9%85) أفضل الأشهر بعد رمضان (https://islamstory.com/ar/cat/106/cat-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86) أو مطلقًا، وكان صيامها كلها مندوبًا إليه كما دلنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بعضهم ختام السنة الهلالية، وبعضهم مفتاحًا لها، فمن صام في شهر ذي الحجة (https://islamstory.com/ar/cat/%2094/%D8%B9%D8%B4%D8%B1%20%D8%B0%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D 8%AD%D8%AC%D8%A9) -سوى الأيام المحرم صيامها منه- وصام في شهر الله المحرم فقد ختم السنة بالطاعة وافتتحها بالطاعة.. فيُرجى أن تكتب له السنة كلها طاعة، فإن من كان أول عمله طاعة، وآخره طاعة، فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين.
– قال ابن المبارك (https://islamstory.com/ar/artical/22181/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%A8 %D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83) : (من ختم نهاره بذكر كتب نهاره كله ذكرًا). يشير هذا القول إلى أنَّ الأعمال بالخواتيم، فإن كان البداءة والختام ذكرًا فهو أولى أن يكون حكم الذكر شاملاً للجميع، ويتعين افتتاح العام بتوبة نصوح تمحو ما سلف من الذنوب السالفة في الأيام الخالية.
وسيدي ابن عطاء الله السكندري يقول: “من كانت له بداية مُحرقة كانت له نهاية مُشرقة”.
شهر الحرام مبارك ميمـون *** والصوم فيه مضاعف مسنون
وثواب صائمه لوجـه إلهه *** في الخلد عنه مليكـه مخزون
هيا ردد معي عزيزي القارئ: “اللهم ما عملتُ من عمل في السنة الماضية ولم ترضه، ونسيتُه أنا ولم تنسه أنت، وحلمتَ عني مع قدرتك على عقوبتي، ودعوتَني إلى التوبة بعد جرئتي عليك، اللهم أستغفرك منه فاغفر لي، اللهم وما عملتُ من عمل ترضاه ووعدتني عليه الثواب والغفران فتقبله مني ولا تقطع رجائي منك يا أرحم الراحمين”.

راعي الوفا
10-08-2021, 11:01 PM
اللهم ما عملتُ من عمل في السنة الماضية ولم ترضه، ونسيتُه أنا ولم تنسه أنت، وحلمتَ عني مع قدرتك على عقوبتي، ودعوتَني إلى التوبة بعد جرئتي عليك، اللهم أستغفرك منه فاغفر لي، اللهم وما عملتُ من عمل ترضاه ووعدتني عليه الثواب والغفران فتقبله مني ولا تقطع رجائي منك يا أرحم الراحمين”.


اللهم امين اللهم امين

جزاك الله خير وبارك لك وفيك

سرااااب..
11-08-2021, 03:28 AM
جزاك الله خيراً

نيرو
11-08-2021, 04:37 AM
بارك الله فيك

هنادي
11-08-2021, 04:58 AM
أثريت عقولنا بكل ماهو مفيد .. أخي أبوعبدالعزيز

بوورك الفكر والقلم .

ابوسارة
11-08-2021, 05:04 AM
جزاك الله خيراً .. وفقك الله

ابوطيف
11-08-2021, 06:41 AM
بارك الله فيك ووفقك لكل خير

طالع نسبه
11-08-2021, 06:54 AM
مشكور والله يجزاك خير

ابو رغد
11-08-2021, 07:28 AM
الله يعطيك العافيه ويسعدك

محمد حسن
11-08-2021, 09:25 AM
احسنت الموضوع جيد وتقويمنا الهجري مشرف ويجب التذكير به والإهتمام به دائما والله من وراء القصد ....

ولدالقصيم
13-08-2021, 11:43 PM
https://upload.3dlat.com/uploads/136455776219.gif
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTxeCHIhMI8f7XNqnsQeNIu-AEB62LaMzF0XcTGi6P0xSZj3M3EdeC3WO4z73C2rBKv0ks&usqp=CAU

ولدالقصيم
13-08-2021, 11:53 PM
التاريخ الهجري يعتبر رمزا من رموزالأسلام وكفى دليلا على ذلك ماأمر به الخليفة العظيم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،لجعله منهجا للأمة،وهوية لها،ومبدا ومنهج . وبالفعل سارت عليه الأمة حقبة من الزمن ثم لفت بعنقه أعاصير الزمن ،وكادت أو أوشكت أن تعصف به .بعد أن ظل زمنا يتصدر التاريخ الميلادي لعيسى عليه السلام . وسؤال مهم ..بل وأسئلة ملحة يجيب عليها الباحثون والدعاة من خلال هذا الأستطلاع .

رمز اسلامي
في البدء قال الداعية المعروف الشيخ محمد بن سرار اليامي: إن التاريخ الهجري رمز من رموز الإسلام وهو أمر من أوامر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو منهج للأمة سارت عليه، فيه ولاء وانتماء وهوية وتعامل، ينبغي أن يراعي المسلم هذا الأمر ويورثه للأجيال القادمة من أجل أن يورث لهم الانتماء للإسلام والاعتزاز به والافتخار به ، والأصالة به، ولذلك القضية ليست فكرة أرقام بل القضية فكرة مبدأ ومنهج وهوية، فعندما يكون التاريخ الهجري منهجًا فهو دليل على الهوية الإسلامية.

وأضاف ابن سرار أنه كما هو معروف أن الكعبة هي مركز العالم الإسلامي بل هي مركز العالم أجمع وهو مركزجغرافي من حيث وجودها في مركز الكرة الأرضية، وهذا فيه ضبط الأوقات وضبط التقاويم وضبط تعامد الشمس وضبط القمر وظهوره، فهذا يجعل المسلمين بما هم عليه من المحافظة على التاريخ الهجري أحظى وأولى وأقرب مما عليه غير المسلمين.

وزاد اليامي إذا لم يعتنِ الإنسان المسلم العربي بتاريخه وتراثه وبأصالته وبمرتكزات حضارته فسوف يأتي المسلم غير العربي الأعجمي فيعتني بها، لأن الله كتب لها الخلود فهي الحضارة الباقية وهي الرسالة الخاتمة حتى قيام الساعة ولذلك عندما ضعف العلم في العرب حمل الراية المسلمون الأعاجم، ولذلك إن لم نكن أهلًا لهذه السيادة والريادة كان غيرنا أولى بها، وإذا لم نكن في الصف الأول، كنا في الصف الثاني.

وأردف ابن سرار أن أسباب هجر التاريخ الهجري من قبل المسلمين كثيرة كضعف الواقع المادي المالي للمسلمين، وقوة الواقع المادي لغير المسلمين، ضعف الواقع العسكري للمسلمين، وقوة الواقع العسكري لغير المسلمين، ضعف الواقع الاجتماعي والائتلافي في الدول الإسلامية فكل واحدة متفرقة في ذاتها عن نفسها فكيف جاراتها، قوة اجتماع الدول غير المسلمة بعضها مع بعض وخاصة الدول النصرانية، وكذلك الهزيمة النفسية في قلوب أبناء كثير من المسلمين حينما ينظر للأسباب السابقة يورثه ضعفًا نفسيًا وهزيمة وانكسارًا تجعله يرضى أن يكون مستعبدًا، ومن الأسباب أيضا القناعة التامة بأن الحل بيد الغرب لا بيد الإسلام وأهله فهو يرى أنه لاعزة إلا أن يسير كما سار القوم فتشبه بهم أو قلدهم أو حذا حذوهم لعله يصل إلى بعض ما وصلوا لأن النزعة المادية غلبت على الناس في هذا الزمن.

وبين اليامي أن هناك حلولًا للحفاظ على التاريخ الهجري والتمسك به عناية المربين به وزرعه في نفوس النشء، وكذلك من الحلول استعماله وتفعيله والصبر على ما يحصل فيه من مخالفات مع التواريخ الأخرى وإطالة النفس في ذلك، بالإضافة إلى برمجة الأجهزة على التاريخ الهجري كأجهزة الحاسب الآلي والجوالات والأجهزة الذكية والتقاويم الشخصية والتقاويم الحكومية لذلك نجحت المملكة العربية السعودية في عرض هذه الهوية واستعراضها وضبط أعمالها وفق هذه الهوية.

كثرة استعمال التاريخ الميلادي النصراني

من جانبه أكد عضو الجمعية العلمية للعقيدة والمذاهب والأديان الدكتور نهار بن عبدالرحمن العتيبي أن التأريخ الهجري هو تاريخ يميز الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم لارتباطه بهجرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد بدأ العمل بالتأريخ الهجري في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعدما استشار الصحابة رضي الله عنهم فرأوا أن يكون بداية التأريخ هو شهر المحرم مؤرخين بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم، واستمر العمل بهذا التأريخ منذ ذلك الوقت إلى عصرنا الحالي، ولكن من المؤسف حقيقة هو عزوف بعض المسلمين عن كتابة التأريخ الهجري أو استبداله بالتأريخ الميلادي، وفي نظري أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى استخدام التأريخ الميلادي بدلاً من التأريخ الهجري ومن أهم هذه الأسباب: كثرة استعمال التأريخ الميلادي في وسائل الإعلام والعمل الرسمي في بعض الدول الإسلامية، وهذا تسبب وبشكل كبير في انتشار التأريخ الميلادي وبالتالي كثرة استعمال التأريخ الميلادي على حساب التأريخ الهجري.

ومن الأسباب أيضا التبعية وتقليد الآخرين في الغرب والشرق، فبعض أبناء المسلمين يقلد الآخرين معتقدًا أن هذا هو التطور والتقدم وهذا بلا شك جهل فإن التطور والتقدم لا يكون في التبعية العمياء. وكذلك من الأسباب تغير التقويم الهجري بالنسبة للأيام بخلاف التقويم الميلادي فالأيام محددة لعدم اعتماده على الأهلة وإنماعلى الشمس.

وأضاف العتيبي أن ارتباط كثير من الأعمال خصوصًا المالية والمصرفية وما أشبهها وذلك لارتباطها بالمصارف العالمية والتجارة العالمية يعد من أسباب العزوف.

وأردف الدكتور نهار أنه في الحقيقة أن هذه الأسباب وغيرها ليست مبررًا لترك التأريخ الهجري الذي هو في الحقيقة مما يميز الأمة الإسلامية على غيرها من الأمم فالأمة الإسلامية لها هوية تميزها وإذا تنازلت عن هويتها التي تميزها كالتأريخ الهجري فإن هذا يعتبر ضعفًا وتبعية تضر بمصالح الأمة الكبرى فضلًا عما هو دونها من المصالح.

وأما الأسباب السابق ذكرها فيمكن علاجها وبسهولة من خلال إلزام وسائل الإعلام والمصالح الحكومية في الدول الإسلامية بالعمل بالتأريخ الهجري، وكذلك من خلال نشر ثقافة الاعتزاز بديننا وبلغتنا وتأريخنا الهجري بين أبنائنا وبناتنا، وأما تغير التأريخ الهجري بالنسبة للأيام فقد تم القضاء على ذلك بوجود تقويم أم القرى لعدة سنوات والعمل فيما يخص الالتزامات أو الأعمال هو بموجب تأريخ أم القرى سواء وافق الهلال أم لم يوافقه، أما الارتباطات المالية العالمية ونحوها فيمكن علاج ذلك كما هو موجود في بعض الجهات بوضع التأريخ الهجري كتأريخ أساسي وهو المعمول به في المملكة العربية السعودية ولو أضيف إلى ذلك التأريخ الميلادي كتأريخ ثانوي فلا بأس.

تشبه بالنصارى والغرب

ومن جهة أخرى قال عضو الجمعية الفقهية السعودية الدكتور حمود بن محسن الدعجاني: «إن استعمال التأريخ الميلادي وترك التأريخ الهجري فيه تشبه بالنصارى فيما يرمز إلى دينهم فلا يجوز للمسلمين أن يتشبهوا بهم فيما هو من دينهم وقد دلت النصوص الشرعية على وجوب الأخذ بالتقويم بالتأريخ الهجري ومن ذلك قوله تعالى: «يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ» وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له».