متابعة حول مرض هاشيموتو
مفهوم الأعشاب التكيفية Adaptogenic Herbs و دورها في علاج مرض هاشيموتو
تشير دراسات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن 90 % من مرضى هاشيموتو كانوا قد تعرضوا للتوتر و الإجهاد النفسي و من خلال إجراء اختبار إجهاد الغدد الكظرية في اللعاب adrenal saliva stress test لديهم تبين وجود ضعف الغدة الكظرية adrenal dysfunction بدرجة أو بأخرى مما يشير إلى ضعف قدرتهم على التعامل مع الإجهاد Stress
بالطبع من المهم التخلص من مسببات التوتر قدر الإمكان .. لكن لا يمكننا دائمًا التخلص من عوامل الإجهاد النفسي , و مع ذلك ، يمكننا زيادة قدرة أجسامنا على الاستجابة للتوتر بمزيد من التوازن .. لهذه الغاية نتحدث اليوم عن الأعشاب التكيفية Adaptogenic Herbs كطريقة لزيادة مرونة أجسامنا في التعامل مع الإجهاد المزمن و الحد من تأثيراته السلبية الصحية
نسميها أيضا ً مكيفات الغدة الكظرية adrenal adaptogens ( فليست كلها كتصنيف من الأعشاب ) .. و نستخدمها خاصة خلال فترات ذروة التوتر .. و هي بالمجمل ذات فوائد صحية أخرى كثيرة ..
الصفات التي تجعل الأعشاب التكيفية Adaptogenic Herbs مفيدة للغاية :
تدعم الأعشاب التكيفية Adaptogenic قدرة الجسم على التعامل مع الضغوطات , و قد تم استخدام معظم الأعشاب التكيفية أو المكيفات Adaptogens لآلاف السنين في الممارسات الطبية الشرقية ، مثل الطب الصيني التقليدي Traditional Chinese Medicine - TCM و الطب الهندي Ayurveda
في الأربعينيات من القرن الماضي عرَّف الدكتور نيكولاي لازاريف Dr. Nikolai Lazarev المُكيفات Adaptogens بأنها : " عامل يرفع من قدرة الجسم على مقاومة الإجهاد Stress من خلال مواجهة الضغوط غير المرغوب فيها ، سواء كانت فيزيائية أو كيميائية أو عاطفية أو بيولوجية " .. و في عام 1998 حددت إدارة الغذاء و الدواء الأمريكية Food and Drug Administration - FDA مادة التكييف adaptogen كنوع جديد من منظم الاستقلاب ثبت أنه يساعد في التكيف البيئي environmental adaptation و يمنع الأضرار الخارجية
يُعتقد أن الأعشاب التكيفية تعمل عن طريق تطبيع normalizing محور ما تحت المهاد و الغدة النخامية و الغدد الكظرية hypothalamic-pituitary-adrenal (HPA) axis ، و هذا المحور مترابط و يتبادل التأثير بين عناصره , فعندما يكون المرء مصابا ً بتعب الغدة الكظرية adrenal fatigue , يسبب ذلك تثبيط ما تحت المهاد Hypothalamus و الغدة النخامية Pituitary Gland و كذلك وظيفة الغدة الدرقية ، حيث يقطع تحويل هرمون الغدة الدرقية غير الفعال T4 إلى الشكل الفعال T3
عندما يكون جسمك متوترًا ، فإن منطقة ما تحت المهاد Hypothalamus ( في أسفل و وسط الدماغ ) تشير إلى الغدة النخامية Pituitary Gland للتعامل بفعالية مع الضغوطات , و تشير الغدة النخامية إلى الغدد الكظرية Adrenal Glands بأن تطلق كمية أكبر أو أقل من الكورتيزول Cortisol .. يساعد الكورتيزول أجسامنا على التعامل مع الإجهاد Stress ( يمنحنا المزيد من الطاقة أو يحافظ عليها ، و يوقف إنتاج هرمونات التكاثر و الهضم التي لا نحتاجها خلال فترة الإجهد
إذا استمر الإجهاد ، فإن آلية التغذية الراجعة feedback mechanism في محور HPA تستمر في إخبار الغدد بأنها بحاجة إلى المزيد و المزيد من الكورتيزول .. و هكذا حتى تصبح الغدد أخيرًا مستنفدة و تتجاهل الإشارات .. و كل ذلك يسبب حدوث مجموعة من الأعراض ، فتنهار مناعتنا ، و يمكن أن تتأثر أمعائنا و تصبح هرموناتنا غير متوازنة ، بما في ذلك التأثير على هرمونات الغدة الدرقية لدينا كما سنرى في فقرة تالية
يُعرَّف " الإجهاد " بأنه أي شيء يؤثر على التوازن الطبيعي للجسم homeostasis مما يسبب التهابًا وعبئًا على الغدة الكظرية .. و يشمل ذلك الإجهاد العقلي mental stress و الإجهاد البيئي environmental stress و الحساسيات الغذائية food sensitivities و نقص المغذيات nutrient deficiencies و عدم توازن السكر في الدم و سهولة الإصابة بالإنتانات و غير ذلك ..
و كي تعتبر أية عشبة من الأعشاب التكيفية Adaptogenic Herbs يجب أن تمتلك العديد من الصفات .. أولاً يجب أن تكون العشبة غير سامة بجرعات عادية و لفترة غير طويلة .. ثانيًا ، يجب أن تساعد هذه العشبة الجسم بأكمله على التعامل مع أي نوع من أنواع الإجهاد .. أخيرًا ، يجب أن تساعد العشبة الجسم على العودة إلى الحالة " الطبيعية " بغض النظر عن كيفية تأثير الإجهاد حاليًا على وظائف جسم الشخص ... بعبارة أخرى ، يجب أن تكون العشبة التكيفية قادرة على تخفيف حدة الأنظمة مفرطة النشاط ( بتعديل و منع إنتاج الكثير جدا ً من الكورتيزول ) و تعزيز الأنظمة محددة النشاط ( زيادة إنتاج الكورتيزول ضمن حدود ) في الجسم
في الواقع ، وجد أن معظم الأشخاص المصابين بمرض هاشيموتو Hashimoto’s Disease يعانون من خمول الغدد الكظرية underactive adrenals و انخفاض مستويات الكورتيزول .. و يؤدي انخفاض الكورتيزول إلى زيادة الالتهاب و ضعف إصلاح الأنسجة و يمنع الأنظمة الرئيسية ( مثل القناة الهضمية ) من العمل على النحو الأمثل و يعرقل الشفاء .. هذا يمكن أن يعني أيضًا امتصاص عدد أقل من المغذيات .. هناك سلسلة من الاضطرابات الصحية ذات صلة بخمول الغدد الكظرية
و يعتمد اختيار أي من أنواع الأعشاب التكيفية على الأعراض التي يعاني منها المريض ..
بينت الدراسات المطوّلة أن كل نوع من الأعشاب التكيفية له واحدة أو أكثر من الخصائص التالية :
دعم وظيفة الغدة الكظرية الصحية / تعديل و موازنة المناعة Iune-modulatory / مضاد للالتهاب Anti-inflaatory / مضاد للفيروسات Antiviral / مضاد للأورام Anti-tumor مضاد للطفيليات Antiparasitic / مكافح للتعب / مضاد للاكتئاب Antidepressant / مضاد للميكروباتAntimicrobial / مضاد لارتفاع نسبة السكر في الدم Antihyperglycemic ( مضاد لمرض السكري Antidiabetic ) / تحسين الوظيفة الجنسية و الإنجابية reproductive function / وقائي للكبد hepatoprotective و / أو للكلية / وقائي من الضرر التأكسدي oxidative damage / وقائي للقلب Cardioprotective / وقائي للجهاز الهضمي Gastroprotective / مضاد لتصلب الشرايين Anti-atherosclerosis و هناك مزيد من الخواص لبعض الأعشاب التكيفية ..
في مثال على حالة إفرادية : امرأة تبلغ من العمر 28 عامًا كانت مستويات هرمون الغدة الدرقية مستقرة لديها لمدة 12 عامًا .. تعرضت السيدة لحدث مرهق نفسيًا إذ فشلت في التخرج من التخصص الذي اختارته .. و عندما قام الأطباء بفحصها بعد ثلاثة أشهر من هذا الحدث ، لاحظوا تسمما ً معتدلا ً مرتبطا ً بمرض هاشيموتو moderate Hashitoxicosis ( حالة هاشيموتو عابرة transient Hashimoto’s ) و الذي يظهر على شكل تعب و خفقان قلب .. و عندما اختبروا مستويات الغدة الدرقية لديهم وجدوا أن مستويات هرمونات الغدة الدرقية الحرة لديها كانت بمقدار مرة و نصف إلى مرتين عن الحد الأعلى الطبيعي و تم قمع إفراز TSH ( و هي حالة فرط نشاط في الغدة الدرقية تشكل مرحلة من مرض هاشيموتو .. ) و كانت الأجسام المضادة TgAb في الدم غير قابلة للكشف ، بينما الأجسام المضادة TPO كانت إيجابية عند مستويات أعلى بثلاثة أضعاف مقارنة مع العام السابق (1،242.0 مقابل 398 U / ml)
و هناك علاقة مثيرة للاهتمام بين الإجهاد والأجسام المضادة TgAb
أظهرت الأبحاث أن بعض الأعشاب التكيفية Adaptogenic Herbs قد يكون لديها القدرة على خفض مستويات الأجسام المضادة للغدة الدرقية إلى جانب معالجة مسببات وأعراض هاشيموتو
كما ذكرنا سابقًا ، يمكن أن تساعد الأعشاب التكيفية Adaptogenic Herbs في علاج إجهاد الغدة الكظرية. يعزز إجهاد الغدد الكظرية نشاط المناعة الذاتية Autoiunity عن طريق إضعاف جهاز المناعة لدينا ؛ عندما تتوتر الغدد الكظرية ، يمكن أن يؤدي الكورتيزول الزائد إلى زيادة إنتاج البروتينات الالتهابية المرتبطة بزيادة الاستجابة المناعية الذاتية .. أيضًا ، مع زيادة مستويات الكورتيزول في البداية ، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل قدرة الكبد على التخلص من هرمون الاستروجين الزائد ( و الذي يتم إعادة تدويره كسموم ) .. هذا يزيد من مستوى الغلوبيولين المرتبط بالغدة الدرقية (TBG) الذي يربط هرمون الغدة الدرقية فيمنع عمله فيؤدي بالتالي إلى انخفاض مستويات هرمون الغدة الدرقية المتاح للاستخدام من قبل الجسم
العلاجات التقليدية التي يمكن أن تحل محلها المكيفات Adaptogens :
عندما تنظر إلى الأعراض المرتبطة بضعف الغدة الكظرية ، يمكنك أن ترى بسرعة سبب كون أدوية القلق ، و أدوية السكر في الدم ، و أدوية النوم هي الوصفة المفضلة لدى الأطباء التقليديين
خلال عقود و قبل الاعتراف بالطب الشمولي , كان الحل الذي قدمه الطب التقليدي للأعراض المذكورة أعلاه " التعب و التهيج و القلق و القليل من الجنون " هو الأدوية الموصوفة مثل selective serotonin reuptake inhibitors -SSRIs ( مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية ) مثل Lexapro و Prozac و Zoloft .. إلخ .. و مضادات القلق anxiolytic medications مثل البنزوديازيبينات benzodiazepines (Xanax ، Ativan .. إلخ )..
لا يمكن إنكار فائدة هذه الأدوية في الوضع الصحيح .. لكن تعب الغدد الكظرية ليس هو الوضع الصحيح .. فلا يوجد شيء اسمه " نقص بروزاك Prozac " !! .. إنما هناك أسباب جذرية كامنة مثل مشاكل التحكم في نسبة السكر في الدم فني شاور بوكس و قلة النوم و نقص المغذيات و ما إلى ذلك .. و عند معالجة هذه المشكلات بمساعدة الأعشاب التكيفية Adaptogenic Herbs ستتم السيطرة على الإجهاد و التوتر النفسي و عواقبه بعيدا ً عن الآثار الجانبية لمضادات الاكتئاب و القلق التي أقلها الاعتماد الدوائي Drug Dependence إن لم نقل الإدمان الدوائي Drug Addiction و استنفاذ العديد من المغذيات في الجسم ..
سنتعرف تباعا ً على مجموعة من الأعشاب التكيفية Adaptogenic Herbs و استخدامها في علاج الإجهاد المرتبط بمرض هاشيموتو و على محاذير كل منها و تداخلاتها ...
مواقع النشر (المفضلة)