السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رابط سابق : بيان الأغاليط ( 4 ) تحريفهم لكيفية طلوع الشمس من مغربها !
https://www.madarib.com/vb/showthread.php?t=74675
الإخبار عن المستقبل بصيغة الماضي جاء في القرآن الكريم في عدة مواضع، وجاء بهذه الصيغة لتحقق الوقوع ، فهو واقع لا محالة .
لكن هناك من لم يفهم هذا الخطاب الفهم الصحيح، فظن أن الأمر وقع فعلًا بالنسبة لله سبحانه وتعالى وبالنسبة لنا، لكننا نحن لم نشعر به !! لذلك الله سبحانه وتعالى يتكلم عن بعض مشاهد يوم القيامة بصيغة الماضي !
وهذا غلط! ونشأ هذا الخطأ نتيجة الجهل! وممن ظن هذا الجهل بعض أدعياء المعرفة بالإعجاز العلمي!! وفي أي نظرية؟ في اعتقاد انشتاين أننا لو سرنا بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فإننا سنرى الأحداث الماضية!!!
يقول عبد الدائم الكحيل وهو من أدعياء المعرفة بالاعجاز العلمي . عن قوله تعالى ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ ) :
فهذا يعني أن هذا الأمر قد وقع فعلًا ولكننا لم نعش هذه اللحظات بعد، وعندما يقول القرآن ( وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) فهذا يعني أن الكافر سيعيش هذه اللحظات بل هو قد عاشها، ولكنه لا يعلم ذلك!
( انتهى النقل )
وللرد على هذا الخطأ وبيان غلطه أقول :
إذا رأيت من يتكلم بهذا فقل له : يقول تعالى : ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) . قبل مئة سنة من مجيء هذه المرأة للنبي عليه الصلاة والسلام، هل الله سبحانه وتعالى رأى هذا وسمع الحوار وقال هذه الآية ؟
بناءً على كلامه فالجواب سيكون نعم . لكن إن قال : لا . فقد أبطل كلامه ورد على نفسه، لأن قبل مئة سنة هذا الحدث كان مستقبلًا ، فكذلك الآيات التي تتكلم عن بعض مشاهد يوم القيامة .
أما إن قال : نعم . اسأله وهل قبل مئة سنة من هذه المئة الماضية حدث هذا ؟ فسوف يتسلسل الأمر إلى مالا نهاية في الزمن الماضي .
أنا ضربتُ المثال بهذه الحادثة، لكن الأمر لا يقتصر على هذه الحادثة، وإنما على جميع الحوادث، وهذا يعني أن جميع هذه الحوادث وجودها أزلي كوجود الله سبحانه وتعالى، ولا يوجد تسلسل في الترتيب، فأنت الآن تقرأ هذا الموضوع ولحظتك هذه كانت في الماضي مستقبل، فأنت عشتها وإن لم تشعر بها، وقس على هذا جميع البشر وجميع المخلوقات وجميع الحوادث .
اسأله من الذي خلقهم ؟ سيقول : خلقهم الله سبحانه وتعالى . اسأله قبل أن يخلقهم وتحصل هذه الحوادث أليس هذا مستقبل ؟، سيقول : نعم . اسأله وهل الله سبحانه وتعالى قال ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّه ) قبل أن يخلق النبي عليه الصلاة والسلام وهذه المرأة ؟ وفَرَضَ الأحكام وطبقها المؤمنون قبل أن يُخلقوا ؟
وبهذا سيعرف أنه وقع في خطأ عظيم . فالله سبحانه وتعالى سمع كلام هذه المرأة في لحظة كلامها وليس قبله !
ومن أوجه الرد على هذا الغلط : أن مشركو العرب وهم أهل البيان والبلاغة والفصاحة لم يعترضوا على هذا الخطاب، مما يدل على أنهم فهموه وفهموا مقصده ، فالقرآن نزل بلسان عربي مبين !
فالله سبحانه وتعالى يخبر عن المستقبل ويخبر عنه بهذه الصيغة لكمال علمه سبحانه وتعالى، ولتحقق وقوعه وقربه ، وما أخبر عنه سيقع لا محاله كما أخبر عنه !
<
مواقع النشر (المفضلة)